(وَلَوْ) تَأَخَّرَ (بِلَا شَرْطٍ إنْ كَانَ) رَأْسُ الْمَالِ (عَيْنًا) عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ وَلَوْ تَأَخَّرَ لِأَجْلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ حَيْثُ تَأَخَّرَ بِلَا شَرْطٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَلَا يُفْسَخُ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ لِأَجْلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَكِنْ قَدْ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ وَقَدْ يُكْرَهُ. وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(وَجَازَ) تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ (بِلَا شَرْطٍ إنْ كَانَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ) بِأَنْ كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (كَحَيَوَانٍ) وَثَوْبٍ يُعْرَفُ بِصِفَتِهِ وَلَوْنِهِ وَجَازَ (لِتَعَيُّنِهِ) فَلَا يَدْخُلُ فِي الذِّمَّةِ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهِ (وَلَوْ) تَأَخَّرَ (لِأَجْلِ السَّلَمِ) عَلَى الرَّاجِحِ.
(وَكُرِهَ) التَّأْخِيرُ لِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (إنْ كَانَ يُعَابُ عَلَيْهِ) بِأَنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، (مِثْلِيًّا) كَانَ - كَطَعَامٍ وَصُوفٍ وَقُطْنٍ وَحَدِيدٍ لِأَنَّهُ مِمَّا يُوزَنُ - (أَوْ عَرْضًا) - كَثِيَابٍ لَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا. وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِيمَا ذُكِرَ: (إنْ لَمْ يُحْضَرْ الْعَرْضُ) مَجْلِسَ الْعَقْدِ (أَوْ) لَمْ (يُكَلْ الطَّعَامُ) الَّذِي جُعِلَ رَأْسُ مَالٍ فِي غَيْرِ طَعَامٍ، فَإِنْ أُحْضِرَ ذَلِكَ الْعَرْضُ أَوْ كَيْلُ الطَّعَامِ لِرَبِّهِ ثُمَّ تَرَكَهُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي تَأْخِيرِهِ وَلَوْ لِأَجْلِ السَّلَمِ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي بِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
يَكُنْ أَجَلُ السَّلَمِ كَيَوْمَيْنِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا شَرَطَ قَبْضَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَإِلَّا فَيَجِبُ أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ] : حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ أَخَّرَ رَأْسَ الْمَالِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ فَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ، فَسَدَ السَّلَمُ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ كَثِيرًا جِدًّا، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ فَقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ، بِفَسَادِ السَّلَمِ وَعَدَمِ فَسَادِهِ سَوَاءٌ كَثُرَ التَّأْخِيرُ جِدًّا أَوْ لَا. وَالْمَشْهُورُ الْفَسَادُ مُطْلَقًا كَمَا فِي نَقْلِ (ح) عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ؛ وَكُلُّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا.
قَوْلُهُ: [وَجَازَ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ بِلَا شَرْطٍ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا مَعَ شَرْطِ التَّأْخِيرِ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيَفْسُدُ كَالْعَيْنِ، قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ لَا يُمْنَعُ إلَّا مَعَ الشَّرْطِ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ] : أَيْ مِنْ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إنْ كَانَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ مِثْلِيًّا أَوْ عَرْضًا إنْ لَمْ يُحْضَرْ أَوْ يُكَلْ الطَّعَامُ، وَإِلَّا فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute