الْفَتْوَى، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَوَّلًا وَآخِرًا نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْت.
(وَ) جَازَ رَأْسُ السَّلَمِ (بِمَنْفَعَةِ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) : كَسُكْنَى دَارٍ وَخِدْمَةِ عَبْدٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ (مُدَّةً مُعَيَّنَةً) كَشَهْرٍ إنْ شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ أَجَلِ السَّلَمِ (وَلَوْ انْقَضَتْ بَعْدَ أَجَلِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ، وَإِنَّمَا مُنِعَتْ الْمَنَافِعُ عَنْ دَيْنٍ لِأَنَّهُ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَالسَّلَمُ ابْتِدَاءً دِينٌ فِي دَيْنٍ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ فَسْخِهِ، وَاحْتُرِزَ بِ " عَيْنٍ " عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمَضْمُونَةِ كَقَوْلِهِ: أَحْمِلُك إلَى مَكَّةَ فِي نَظِيرِ إرْدَبِّ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِك تَدْفَعُهُ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
كَرَاهَةَ بَلْ يَجُوزُ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ تَأْخِيرَ الْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ - إذَا كَانَ رَأْسُ مَالٍ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ - إنْ كَانَ بِشَرْطٍ مُنِعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ بِلَا شَرْطٍ فَالْجَوَازُ فِي الْحَيَوَانِ ظَاهِرٌ، وَفِي الطَّعَامِ إنْ كِيلَ، وَفِي الْعَرْضِ إنْ أُحْضِرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ لِانْتِقَالِ كُلٍّ مِنْ الذِّمَّةِ لِلْأَمَانَةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ هَلَكَ يَكُونُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا كُرِهَ فِي الطَّعَامِ وَالْعَرْضِ. هَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ بِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِهِمَا بِلَا شَرْطٍ مُطْلَقًا وَلَوْ كِيلَ الطَّعَامُ أَوْ أُحْضِرَ الْعَرْضُ.
قَوْلُهُ: [كَسُكْنَى دَارٍ] إلَخْ: أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ أَسْلَمْتُك سُكْنَى دَارِي هَذِهِ أَوْ خِدْمَةَ عَبْدِي فُلَانٍ أَوْ رُكُوبَ دَابَّتِي هَذِهِ شَهْرًا فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ آخُذُهُ مِنْك فِي شَهْرِ كَذَا.
قَوْلُهُ: [إنْ شَرَعَ فِيهَا] : أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ - سَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا أَوْ عَرْضًا - مُلْحَقَةٌ بِالْعَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَقَبْضًا بِقَبْضِ أَصْلِهَا ذِي الْمَنْفَعَةِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي اسْتِيفَائِهَا مِنْهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ أَصْلِهَا حِينَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
قَوْلُهُ: [بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ] إلَخْ: بَلْ الشُّرُوعُ فِي قَبْضِهَا كَافٍ، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ ابْتِدَاءً دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَقَدْ اسْتَخَفُّوهُ فِي السَّلَمِ، كَذَا قِيلَ.
قَوْلُهُ: [تَدْفَعُهُ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا] : مَحَلُّ مَنْعِ السَّلَمِ بِالْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ مَا لَمْ يَشْرَعْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي اسْتِيفَائِهَا، وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ تَبَعًا لِلْقَانِي قَالَ بْن وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمَضْمُونَةِ؛ وَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ: لَا يَجُوزُ بِالْمَنَافِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute