الْمُنْقَلِبَةَ) مِنْ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ؛ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَى ابْنِهِ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَ وَلَمْ يَحْلِفْ الِابْنُ لِرَدِّ دَعْوَى وَالِدِهِ فَرُدَّتْ عَلَى الْأَبِ فَيَحْلِفُ الْأَبُ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ (أَوْ) الْيَمِينَ (الْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقُّ غَيْرِهِ) : أَيْ غَيْرِ الْوَلَدِ؛ كَدَعْوَى الْأَبِ ضَيَاعَ صَدَاقِ ابْنَتِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ، وَخَالَفَهُ زَوْجُهَا وَطَلَبَهُ بِجِهَازِهَا؛ فَيَحْلِفُ الْأَبُ أَنَّهُ ضَاعَ مِنْهُ بِلَا تَفْرِيطٍ لِحَقِّ الزَّوْجِ. وَكَذَا يَحْلِفُ الْأَبُ إذَا ادَّعَى قَبْلَ سَنَةٍ مِنْ دُخُولِهَا أَنَّهُ أَعَارَهَا شَيْئًا مِنْ جِهَازهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يُخْرَجُ) الْمَسْجُونُ فِي حَقٍّ شَرْعِيٍّ أَيْ لَا يُجَابُ وَلَا يُقْضَى بِخُرُوجِهِ (لِعِيَادَةِ قَرِيبٍ) لَهُ (كَأَبِيهِ) وَابْنِهِ وَزَوْجَتِهِ وَلَوْ قَرُبَ (وَلَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ، وَ) لَا يَخْرُجُ لِأَجْلِ (عَدُوٍّ) مَعَهُ فِي الْحَبْسِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْحَبْسِ التَّشْدِيدُ (إلَّا
ــ
[حاشية الصاوي]
الْحَدَّ أَشَدُّ مِنْ الْيَمِينِ هَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقْضَى لِلْوَلَدِ بِتَحْلِيفِ وَالِدِهِ فِي حَقٍّ يَدَّعِيه عَلَيْهِ وَيَحُدُّهُ وَيَكُونُ بِذَلِكَ عَاقًّا وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ فَإِنَّ الْعُقُوقَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مَشَى خَلِيلٌ فِي بَابِ الْحُدُودِ حَيْثُ قَالَ: وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفُسِّقَ.
قَوْلُهُ: [كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَى ابْنِهِ بِحَقٍّ] : أَيْ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْوَلَدُ عَلَى أَبِيهِ بِحَقٍّ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَلَمْ يَحْلِفْ الْوَلَدُ مَعَهُ فَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبِ؛ فَهَلْ يَحْلِفُ الْأَبُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ؟ وَهُوَ مَا قَالَهُ عب قَالَ بْن وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ، فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْلِفُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَدَّعِيه الْوَلَدُ عَلَيْهِ وَنَصُّهُ: وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ إنَّهُ لَا يُقْضَى بِتَحْلِيفِهِ أَبَاهُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إنْ دَعَا إلَيْهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا} [الإسراء: ٢٣] الْآيَةَ، وَلَمَّا جَاءَ أَنَّهُ: «مَا بَرَّ وَالِدَيْهِ مَنْ شَدَّ النَّظَرَ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى أَحَدِهِمَا» ، وَرُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَمِينَ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ» وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» . وَأَمَّا إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute