(وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ) الْحَالِ مِنْ الْحَبْسِ (إنْ طَالَ حَبْسُهُ بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ مَا صَبَرَ عَلَى الْحَبْسِ هَذِهِ الْمُدَّةَ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالدَّيْنِ قِلَّةً وَكَثْرَةً. وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمِلَاءِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِعَدَمِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَمَعْلُومُ الْمَلَاءِ يَخْلُدُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَغْرَمَ مَا عَلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ غَارِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَحُبِسَتْ النِّسَاءُ عِنْدَ) امْرَأَةٍ (أَمِينَةٍ أَوْ) امْرَأَةٍ (ذَاتِ أَمِينٍ) مِنْ الرِّجَالِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ هِيَ أَمِينَةٌ أَيْضًا (وَحُبِسَ الْجَدُّ) : أَيْ جَازَ حَبْسُهُ لِوَلَدِ ابْنِهِ (وَ) حُبِسَ (الْوَلَدُ لِأَبِيهِ) : فِي دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا الْعَكْسَ) : أَيْ لَا يُحْبَسُ وَالِدٌ لِوَلَدِهِ. (كَالْيَمِينِ) فَلِلْوَالِدِ أَنْ يُحْلِفَ وَلَدَهُ فِي حَقٍّ لَا الْعَكْسَ (إلَّا) الْيَمِينَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ الْحَالِ] إلَخْ: أَيْ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ وَإِنْ وَجَدَ مَالًا لَيَقْضِيَنَّ الْغُرَمَاءَ حَقَّهُمْ كَمَا قَيَّدَ بِهِ شُرَّاحُ خَلِيلٍ.
قَوْلُهُ: [أَوْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ غَارِمٍ] : أَيْ أَوْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةُ بِذَهَابِ مَالِهِ.
قَوْلُهُ: [عِنْدَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ] : أَيْ بِحَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَى النِّسَاءِ مِنْهَا. وَأَمَّا الْأَمْرَدُ الْبَالِغُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَيُحْبَسُ كُلٌّ وَحْدَهُ أَوْ عِنْدَ مَحْرَمٍ. وَغَيْرُ الْبَالِغِ لَا يُحْبَسُ.
قَوْلُهُ: [امْرَأَةٍ ذَاتِ أَمِينٍ] : إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ امْرَأَةً لِيُفِيدَ اشْتِرَاطَ الْأَمَانَةِ فِيهَا أَيْضًا مَعَ عَدَمِ الِانْفِرَادِ فَقَوْلُهُ أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ عُطِفَ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ.
قَوْلُهُ: [لَا الْعَكْسَ] : أَيْ فَالْوَالِدُ - أَبًا أَوْ أُمًّا - لَا يُحْبَسُ لِوَلَدِهِ وَلَوْ أَلِدَ بِدَفْعِ الْحَقِّ وَالْمُرَادُ الْأَبُ وَالْأُمُّ نَسَبًا لَا رَضَاعًا وَأَمَّا رَضَاعًا فَيُحْبَسُ لِدَيْنِ وَلَدِهِ مِنْ الرَّضَاعِ. قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يُحْبَسْ الْوَالِدَانِ فَلَا أَظْلِمُ الْوَلَدَ لَهُمَا، فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمَا مَا يَفْعَلُ بِالْمُلِدِّ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ كَالتَّقْرِيعِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِحَقِّ الْوَلَدِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى رَدْعًا وَزَجْرًا وَصِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ. وَلَا يُقَالُ: إنَّ الضَّرْبَ أَشَدُّ مِنْ الْحَبْسِ فَمُقْتَضَى كَوْنِهِمَا لَا يُحْبَسَانِ أَنَّهُمَا لَا يُضْرَبَانِ، لِأَنَّنَا نَقُولُ: الْحَبْسُ لِدَوَامِهِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرْبِ - قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [فِي حَقٍّ لَا الْعَكْسَ] : أَيْ لَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يُحْلِفَ الْوَالِدَ لِأَنَّهُ عُقُوقٌ وَلَا يُقْضَى لِلْوَلَدِ بِتَحْلِيفِ وَالِدِهِ إذَا شَحَّ الْوَالِدُ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَدُّهُ إنْ قَذَفَهُ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute