للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُبِرَ عَلَى دَفْعِهِ وَلَوْ بِالضَّرْبِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى) وَيُسْجَنَ حَتَّى يَدْفَعَ مَا عَلَيْهِ.

(فَإِنْ أَثْبَتَ) الْمَدِينُ الْمَجْهُولُ الْحَالِ أَوْ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ (عُسْرَهُ بِشَهَادَةٍ بَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ (أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ) فَشَهَادَتُهَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَشْهَدَ عَلَى الْبَتِّ (وَحَلَفَ كَذَلِكَ) بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ إلَخْ؛ إذْ يَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ مَالًا فِي الْوَاقِعِ وَلَا يُعْلَمُ بِهِ. وَالْمَذْهَبُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ: أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ بِأَنْ يَقُولَ: لَيْسَ عِنْدِي مَالٌ إلَخْ (أُنْظِرَ لِمُيَسَّرَةٍ) فَلَا يُسْجَنُ وَلَا يُطَالَبُ قَبْلَهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ وَلَا اسْتِشْفَاعٍ وَلَا بِنَزْعِ مَالِ رَقِيقٍ لَمْ يَبِعْ عَلَيْهِ. (وَرَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ) : أَيْ الشَّهَادَةُ بِهِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَدَمِ إنْ بَيَّنَتْ السَّبَبَ، بِأَنْ قَالَتْ: لَهُ مَالٌ قَدْ أَخْفَاهُ وَكَذَا إنْ لَمْ تُبَيِّنْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَلَوْ بِالضَّرْبِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى] : قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ أَدَّى إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ لَكِنْ لَا يَقْصِدُ الْحَاكِمُ إتْلَافَهُ فَإِنْ قَصَدَهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: [أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ] : الْأَوْضَحُ بِنَاءُ " يُعْلَمُ " لِلْفَاعِلِ وَنَصْبُ " مَالًا ".

قَوْلُهُ: [وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ] : أَيْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَمَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ مَالٌ لَا يَعْلَمُهُ بِكَإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي الْيَمِينِ قَوْلَيْنِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَهِيَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَلَى كُلٍّ.

قَوْلُهُ: [وَرَجَحَتْ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ] إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ بِالْمَلَاءِ وَشَهِدَ لَهُ قَوْمٌ بِالْعُدْمِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْمَلَاءِ تُقَدَّمُ إنْ بَيَّنَتْ سَبَبَ الْمَلَاءِ بِأَنْ عَيَّنَتْ مَا هُوَ مَلِيءٌ بِسَبَبِهِ سَوَاءٌ بَيَّنَتْ بَيِّنَةَ الْعُدْمِ السَّبَبَ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: [وَكَذَا إنْ لَمْ تُبَيِّنْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ] : قَالَ بَعْضُهُمْ: الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَهُ، وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ مَا بِهِ الْعَمَلُ. فَإِنْ قِيلَ شَهَادَةٌ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ مُسْتَصْحَبَةٌ - لِأَنَّ الْغَالِبَ الْمَلَاءُ وَبَيِّنَةُ الْعُدْمِ نَاقِلَةٌ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّاقِلَةَ هُنَا شَهِدَتْ بِالنَّفْيِ، وَبَيِّنَةُ الْمَلَاءِ مُثْبِتَةٌ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي فَالْقَاعِدَةُ الْأُولَى الَّتِي هِيَ تَقْدِيمُ النَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحِبَةِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ النَّاقِلَةُ بِالنَّفْيِ وَالْمُسْتَصْحَبَةُ بِالْإِثْبَاتِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَدَوِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>