للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَاعَ هَدَرًا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَعَلَى الْمُؤْمِنِ الضَّمَانُ لِتَفْرِيطِهِ. وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُرْسِلُ مَعَ صَبِيٍّ شَيْئًا لِيُوَصِّلَهُ إلَى أَهْلِ مَحَلٍّ فَيَضِيعَ مِنْ الصَّبِيِّ أَوْ يَتْلَفَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُرْسِلُ رَبَّ الْمَالِ فَهَدَرٌ. (إلَّا أَنْ يَصُونَ) الصَّبِيَّ بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ بِالْكَسْرِ (بِهِ) : أَيْ بِمَا أَمِنَ عَلَيْهِ (مَالَهُ) فَيَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِمَّا صَوَّنَهُ بِهِ وَمَا أَتْلَفَهُ. فَإِذَا أَكَلَ مِمَّا أَمِنَ عَلَيْهِ بِمَا يُسَاوِي عَشَرَةً أَوْ اكْتَسَى بِمَا يُسَاوِيهَا حَتَّى حَصَّنَ مِنْ مَالِهِ مَا يُسَاوِيهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مِنْ مَالِهِ الْمَوْجُودَ الَّذِي صَوَّنَهُ الْأَقَلَّ مِمَّا أَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسه وَمَا صَوَّنَ بِهِ؛ فَإِذَا صَوَّنَ بِالْعَشَرَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ غَرِمَ الْعَشَرَةَ، وَإِذَا صَوَّنَ بِهَا ثَمَانِيَةً غَرِمَ الثَّمَانِيَةَ؛ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (فَالْأَقَلَّ) يَغْرَمُهُ (فِي مَالِهِ) الَّذِي صَوَّنَهُ (إنْ كَانَ) لَهُ مَالٌ وَقْتَ الْإِتْلَافِ (وَبَقِيَ) لِوَقْتِ الْحُكْمِ، وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَفَادَ مَالًا بَعْدَ الْإِتْلَافِ. فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِذِمَّتِهِ بَلْ الْمَالُ الَّذِي أَصَانَهُ بِمَا أَنْفَقَهُ. وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ إذَا أَتْلَفَا مَالًا أَوْ حَصَلَ مِنْهُمَا جِنَايَةً وَلَوْ عَلَى نَفْسِ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِمَا وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا فِي مَالِهِمَا حَيْثُ وَجَدَ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالذِّمَّةِ، فَقَوْلُنَا: " وَضَمِنَ فِي الذِّمَّةِ " يَشْمَلُ الصَّبِيَّ الْمُمَيَّزَ وَغَيْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: وَعَلَيْهِ فَالذِّمَّةُ ثَابِتَةٌ لِلْجَمِيعِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّمْيِيزُ فَضْلًا عَنْ التَّكْلِيفِ (اهـ) . وَخِلَافُ الْمَشْهُورِ قَوْلَانِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا كَالْعَجْمَاءِ فِعْلُهَا هَدَرٌ، وَقِيلَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهَا فِي إتْلَافِهِمَا الْمَالَ، وَأَمَّا الدِّيَةُ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [فَعَلَى الْمُؤْمِنِ] : بِكَسْرِ الْمِيمِ اسْمُ فَاعِلٍ.

قَوْلُهُ: [وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَجْنُونِ] إلَخْ: أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ يَعْنِي بِهِ هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ بَلْ وَلَا التَّمْيِيزُ.

قَوْلُهُ: [إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ] : أَيْ قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَأَكْثَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>