بِالْكِرَاءِ، قَدْ تَعَطَّلَتْ (رَحَى) : أَيْ عَمَّرَهَا أَحَدُهُمْ (إذَا أَبَيَا) : أَيْ شَرِيكَاهُ مِنْ تَعْمِيرِهَا مَعَهُ - قَبْلَ حُكْمِ حَاكِمٍ عَلَيْهِمَا بِالْبَيْعِ أَوْ التَّعْمِيرِ - (فَالْغَلَّةُ) الْحَاصِلَةُ مِنْ تِلْكَ الرَّحَى بَعْدَ تَعْمِيرِهَا (لَهُمْ) : أَيْ لِلثَّلَاثَةِ (بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُعَمَّرُ مِنْهَا) : أَيْ مِنْ غَلَّتِهَا (مَا أَنْفَقَ) عَلَى عِمَارَتِهَا (وَإِلَّا) يَأْبَيَا بَلْ أَذِنَاهُ فِي الْعِمَارَةِ أَوْ عَمَّرَ وَهُمَا سَاكِتَانِ، (فَفِي) : أَيْ فَالرُّجُوعُ عَلَيْهِمَا فِي (الذِّمَّةِ) لَا فِي الْغَلَّةِ الْحَاصِلَةِ مِنْهَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
يُعْطُوهُ النَّفَقَةَ، وَإِلَّا فَيُسَاوِيهِمْ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ الْغَلَّةَ كُلَّهَا لِمَنْ عَمَّرَ وَعَلَيْهِ لِشُرَكَائِهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَوْ أُكْرِيَتْ لِمَنْ يُعَمِّرُ. وَاسْتَشْكَلَ الْأَوَّلُ: بِأَنَّ اسْتِيفَاءَ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ الْغَلَّةِ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ دَفَعَ جُمْلَةً وَأَخَذَ مُفَرَّقًا. وَأُجِيبُ: بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ إذْ لَوْ شَاءَ لَرَفَعَهُمَا لِلْحَاكِمِ فَيُجْبِرُهُمَا عَلَى الْإِصْلَاحِ أَوْ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَصْلُحُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ عَمَّرَ وَهُمَا سَاكِتَانِ] : اعْلَمْ أَنَّ فُرُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَبْعَةٌ:
الْأَوَّلُ: مَا إذَا اسْتَأْذَنَهُمَا فِي الْعِمَارَةِ وَأَبَيَا وَاسْتَمَرَّا عَلَى الْمَنْعِ إلَى تَمَامِ الْعِمَارَةِ، وَالْحُكْمُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا عَمَّرَ فِي الْغَلَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَسْكُتَا ثُمَّ يَأْبَيَا حَالَ الْعِمَارَةِ.
وَالثَّالِثُ: عَكْسُهُ وَهُوَ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمَا فَيَأْبَيَا ثُمَّ يَسْكُتَا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمَا لِلْعِمَارَةِ، وَالْحُكْمُ فِي هَذَيْنِ الرُّجُوعُ فِي الْغَلَّةِ كَالْأَوَّلِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يُعَمِّرَ قَبْلَ عِلْمِ أَصْحَابِهِ وَلَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى الْعِمَارَةِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهَا، سَوَاءٌ رَضُوا بِمَا فَعَلَ أَوْ لَا وَالْحُكْمُ فِي هَذِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي ذِمَّتِهِمْ لِقِيَامِهِ عَنْهُمْ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ لَهُمْ.
وَالْخَامِسُ: أَنْ يُعَمِّرَ بِإِذْنِهِمْ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ مَا يُنَافِي الْإِذْنَ حَتَّى تَمَّتْ الْعِمَارَةُ.
وَالسَّادِسُ: أَنْ يَسْكُتُوا حِينَ الْعِمَارَةِ عَالِمِينَ بِهَا سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَهُمْ أَمْ وَحُكْمُهُمَا كَاَلَّتِي قَبْلَهُمَا.
وَالسَّابِعُ: أَنْ يَأْذَنُوا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ ثُمَّ يَمْنَعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ قَبْلَ شِرَاءِ الْمُؤَنِ الَّتِي يُعَمِّرُ بِهَا ثُمَّ عَمَّرَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْغَلَّةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ شِرَاءِ الْمُؤَنِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ فِي ذِمَّتِهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْعِهِمْ لَهُ. تَنْبِيهٌ:
يُقْضَى بِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ فِي بَيْتِهِ لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ مِنْ جِهَتِهِ وَنَحْوُهُ؛ كَغَرْزِ خَشَبَةٍ أَوْ أَخْذِ ثَوْبٍ سَقَطَ أَوْ دَابَّةٍ دَخَلَتْ. وَيَقْضِي أَيْضًا بِقِسْمَةِ الْجِدَارِ إنْ طَلَبَتْ. وَصِفَةُ الْقِسْمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنْ يُقَسِّمَ طُولًا مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ