وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَيَضْمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ عَاجِلًا فِي مَالِهِ لَا مَالِ السَّيِّدِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الضَّمَانُ عَلَى عِتْقِهِ. وَكَذَا الصَّبِيُّ إذَا نَصَّبَهُ وَلِيُّهُ لِلتِّجَارَةِ فَقَوْلُهُمْ: لَا ضَمَانَ عَلَى صَبِيٍّ فَرَّطَ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ: أَيْ مَا لَمْ يُنَصِّبْهُ لِلتِّجَارَةِ وَالْمُعَامَلَاتِ بَيْنَ النَّاسِ.
ثُمَّ بَيَّنَ وُجُوهَ التَّفْرِيطِ بِقَوْلِهِ: (فَتُضْمَنُ) الْوَدِيعَةُ (بِسُقُوطِ شَيْءٍ عَلَيْهَا مِنْهُ) : أَيْ مِنْ يَدِ الْمُودَعِ وَلَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ كَالْعَمْدِ فِي الْأَمْوَالِ وَزِدْنَا عَلَيْهِ لَفْظَ مِنْهُ لِبَيَانِ مُرَادِهِ إذْ هُوَ مَحَلُّ التَّفْرِيطِ (لَا) يُضْمَنُ (إنْ انْكَسَرَتْ) الْوَدِيعَةُ مِنْهُ (فِي نَقْلِ مِثْلِهَا الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ) مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ. فَإِذَا لَمْ تَحْتَجْ إلَى النَّقْلِ فَنَقَلَهَا، أَوْ احْتَاجَتْ وَنَقَلَهَا نَقْلَ غَيْرِ مِثْلِهَا ضَمِنَ إنْ انْكَسَرَتْ. وَنَقْلُ مِثْلِهَا: مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بِمُفْرِطٍ فَزِيَادَتُنَا عَلَيْهِ: " الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ " لَا بُدَّ مِنْهَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ] : أَيْ وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ.
قَوْلُهُ: [أَيْ مَا لَمْ يُنَصِّبْهُ لِلتِّجَارَةِ] : أَيْ كَالصِّبْيَانِ الْجَالِسِينَ فِي الدَّكَاكِينِ بِمِصْرَ: فَضَمَانُهُمْ كَضَمَانِ الْحُرِّ الرَّشِيدِ؛ لِأَنَّ يَدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ يَدِ أَوْلِيَائِهِمْ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ خَطَأً] : أَيْ هَذِهِ إذَا كَانَ السُّقُوطُ عَمْدًا، بَلْ وَلَوْ كَانَ خَطَأً كَمَنْ أَذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِ شَيْءٍ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَكَسَرَ غَيْرَهُ فَلَا يَضْمَنُ السَّاقِطَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ، وَيَضْمَنُ الْأَسْفَلَ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ خَطَأً وَالْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ، وَفِي (ح) لَا يَجُوزُ لِلْمُودَعِ إتْلَافُ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّهَا فِي إتْلَافِهَا، فَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا لِوُجُوبِ حِفْظِ الْمَالِ كَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي أَوْ وَلَدِي.
قَوْلُهُ: [ضَمِنَ إنْ انْكَسَرَتْ] : أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ؛ لَا ضَمَانَ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ: وَهِيَ مَا إذَا اُحْتِيجَ لِلنَّقْلِ وَنَقَلَهَا نَقْلَ مِثْلِهَا فَانْكَسَرَتْ، وَالضَّمَانُ فِيمَا عَدَاهَا: وَهُوَ مَا إذَا لَمْ تَحْتَجْ لِنَقْلٍ وَنَقَلَهَا فَانْكَسَرَتْ؛ كَأَنْ نَقَلَ مِثْلَهَا أَمْ لَا أَوْ احْتَاجَتْ لِلنَّقْلِ وَنَقَلَهَا غَيْرَ نَقْلِ أَمْثَالِهَا فَانْكَسَرَتْ.
قَوْلُهُ: [وَنَقْلُ مِثْلِهَا مَا يَرَى النَّاسُ] إلَخْ: أَيْ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْيَاءِ؛ فَبَعْضُ الْأَشْيَاءِ شَأْنُهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى جَمَلٍ، وَبَعْضُهَا عَلَى حِمَارٍ، وَبَعْضُهَا عَلَى الرِّجَالِ، وَبَعْضُهَا يُنَاسِبُهُ الْمَشْيُ بِسُرْعَةٍ، وَبَعْضُهَا عَلَى مَهَلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute