(وَ) تُضْمَنُ (بِخَلْطِهَا) : أَيْ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِهَا إذَا تَعَذَّرَ تَمْيِيزُهَا عَمَّا خُلِطَتْ فِيهِ.
(إلَّا كَقَمْحٍ) وَفُولٍ مِنْ سَائِرِ الْحُبُوبِ (بِمِثْلِهِ) نَوْعًا وَصِفَةً، فَإِنْ خَلَطَ سَمْرَاءَ بِمَحْمُولَةٍ ضَمِنَ، وَكَذَا جَيِّدٌ بِرَدِيءٍ أَوْ نَقِيٍّ بِغَلْثٍ. وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ دَنَانِيرُ بِمِثْلِهَا، أَوْ دَرَاهِمُ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا.
(أَوْ دَرَاهِمُ بِدَنَانِيرَ) لِتَيَسُّرِ التَّمْيِيزِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا خَلَطَهَا (لِلْإِحْرَازِ أَوْ الرِّفْقِ) : رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَلْطُ لِلصَّوْنِ وَلَا لِلِارْتِفَاقِ ضَمِنَ؛ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ تَلَفِهَا أَوْ ضَيَاعِهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى حِدَةٍ، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّفْرِيطَ وَعَدَمَهُ. وَكَوْنُ الْقَيْدِ رَاجِعًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ ظَاهِرٌ. فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الشَّيْخِ بِأَنَّ الْقَيْدَ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ مِمَّا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إذَا تَعَذَّرَ تَمْيِيزُهَا] : أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ سَمْنًا وَخَلَطَهَا بِدُهْنٍ أَوْ زَيْتٍ فَتُضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلُ فِيهَا تَلَفٌ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ خَلَطَ سَمْرَاءَ بِمَحْمُولَةٍ] . إلَخْ: مِثَالٌ لِمَا اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ. وَإِنَّمَا ضَمِنَ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ خَلَطَ مُخْتَلِفَيْ النَّوْعِ كَقَمْحٍ بِأُرْزٍ.
قَوْلُهُ: [وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ] : أَيْ الَّتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: " لَا كَقَمْحٍ " أَيْ: فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَكَوْنُ الْقَيْدِ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ] : أَيْ مَسْأَلَةِ خَلْطِ الْحُبُوبِ بِمِثْلِهَا وَالدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ وَالْمُنَاسِبُ نَصْبُ رَاجِعٌ؛ لِأَنَّهُ خَبَرُ الْكَوْنِ.
قَوْلُهُ: [فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الشَّيْخِ] : أَصْلُ الِاعْتِرَاضِ لِابْنِ غَازِيٍّ قَائِلًا: هَذَا الْقَيْدُ لِلْأُولَى خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْإِحْرَازِ. وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ وَأَبَا الْحَسَنِ قَيْدَا الثَّانِيَةَ أَيْضًا بِذَلِكَ كَذَا فِي (عب) . وَرَدَّ عَلَيْهِ (بْن) : بِأَنَّ تَقْيِيدَهُمَا إنَّمَا وَقَعَ لِمَسْأَلَةِ خَلْطِ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا وَالدَّنَانِيرِ بِمِثْلِهَا وَهُوَ مِمَّا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ الْأُولَى، وَأَمَّا خَلْطُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فَلَمْ يَقَعْ مِنْ أَحَدٍ تَقْيِيدُهَا بِذَلِكَ (اهـ) فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ كَلَامَ ابْنِ غَازِيٍّ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا مُطْلَقًا فَعَلَهُ لِلْإِحْرَازِ أَوْ لَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute