(وَإِنْ بَنَى) ذُو الشُّبْهَةِ (أَوْ غَرَسَ) فَاسْتُحِقَّ (قِيلَ لِلْمَالِكِ) الَّذِي اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ: (ادْفَعْ قِيمَتَهُ قَائِمًا) مُنْفَرِدًا عَنْ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ بَنَاهُ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ، (فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْبَانِي: ادْفَعْ) لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ (قِيمَةَ الْأَرْضِ) بَرَاحًا (فَإِنْ أَبَى) أَيْضًا (فَشَرِيكَانِ بِالْقِيمَةِ) : هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ بَرَاحًا وَهَذَا بِقِيمَةِ بِنَائِهِ أَوْ غَرْسِهِ قَائِمًا (يَوْمَ الْحُكْمِ) لَا يَوْمَ الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَإِنْ بَنَى ذُو الشُّبْهَةِ أَوْ غَرَسَ] : أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعُ، وَالْمُرَادُ بِذِي الشُّبْهَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُكْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِالْغَصْبِ.
وَقَوْلُهُ: " بَنَى أَوْ غَرَسَ ": فَرَضَ مَسْأَلَةً إذْ لَوْ صَرَفَ مَالًا عَلَى تَفْصِيلِ عَرَضٍ أَوْ خِيَاطَتِهِ أَوْ عَمَّرَ سَفِينَةً فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَاحْتَرَزَ بِذِي الشُّبْهَةِ مِمَّا لَوْ بَنَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَوْ غَرَسَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، فَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ يَرْجِعُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُلْزَمُ بِقَلْعِهِ، بَلْ إنْ اقْتَسَمُوا وَوَقَعَ فِي قِسْمِ غَيْرِهِ دَفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا، وَإِنْ أَبْقَوْا الشَّرِكَةَ عَلَى حَالِهَا فَلَهُمْ أَنْ يَأْمُرُوهُ بِأَخْذِهِ أَوْ يَدْفَعُوا لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا.
قَوْلُهُ: [ادْفَعْ قِيمَتَهُ قَائِمًا] : أَيْ وَلَوْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ كَذَا فِي الْخَرَشِيِّ، وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ وَذَوِي السَّرَفِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّ فِيهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمْ الْإِسْرَافُ وَالتَّغَالِي، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ.
قَوْلُهُ: [يَوْمَ الْحُكْمِ] : أَيْ بِالشَّرِكَةِ وَكَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا عَلَى أَنَّهُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ؟ فَيُقَالُ: كَذَا، وَمَا قِيمَةُ الْأَرْضِ مُفْرَدَةً عَنْ الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ الَّذِي فِيهَا؟ فَيُقَالُ: كَذَا، فَيَكُونَا شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ مَا لِكُلٍّ، فَلَوْ قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ: أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْطِيهِ الْآنَ، وَلَكِنْ يَسْكُنُ وَيَنْتَفِعُ حَتَّى يَرْزُقَنِي اللَّهُ مَا أُؤَدِّي مِنْهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْهُ يَسْتَوْفِي مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ مِنْ كِرَاءِ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ لِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute