للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا الْمُسْتَحَقَّةَ بِحَبْسٍ) عَلَى مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمْ (فَالنُّقْضُ) بِضَمِّ النُّونِ: أَيْ الْمَنْقُوضُ مُتَعَيِّنٌ لِرَبِّهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: اُنْقُضْ بِنَاءَك أَوْ غَرْسَك وَخُذْهُ وَدَعْ الْأَرْضَ لِمَنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَقَائِهِ مَنْفَعَةٌ لِلْوَقْفِ وَرَأَى النَّاظِرُ إبْقَاءَهُ فَلَهُ دَفْعُ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ لَهُ رَيْعٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَيْعٌ وَدَفَعَهُ مِنْ عِنْدَهُ مُتَبَرِّعًا لِحَقٍّ بِالْوَقْفِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ؛ كَمَا لَوْ بَنَى هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَلَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ بَلْ هُوَ مُلْحَقٌ بِالْوَقْفِ عَلَى مَا نَصُّوا عَلَيْهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِعَ الْآنَ بِمِصْرَ أَنَّ النُّظَّارَ يَبِيعُونَ أَوْقَافَ الْمَسَاجِدِ أَوْ غَيْرَهَا وَالْمُشْتَرِي مِنْهُمْ عَالِمٌ عَارِفٌ بِأَنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ الْغُورِيِّ أَوْ الْأَشْرَفِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ، ثُمَّ يَجْعَلُونَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ دَرَاهِمَ قَلِيلَةً يُسَمُّونَهَا حَكْرًا وَيُسَمُّونَ اسْتِيلَاءَ الْبُغَاةِ عَلَى تِلْكَ الْأَوْقَافِ خُلُوًّا وَانْتِفَاعًا، يُبَاعُ وَيُشْتَرَى وَيُوَرَّثُ، وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُ ذَلِكَ الْحَكْرَ بِتَوْجِيهِ النَّاظِرِ عَلَى نَحْوِ جَامَكِيَّةٍ أَوْ وَظِيفَةٍ وَيُبْطِلُونَ الْوَقْفَ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ يَنْسُبُونَ جَوَازَ ذَلِكَ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَصَارَ قُضَاةُ مِصْرَ يَحْكُمُونَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ مُعْتَمَدِينَ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَحَاشَا الْمَالِكِيَّةَ أَنْ يَقُولُوا بِذَلِكَ: كَيْفَ؟ وَمَذْهَبُهُمْ هُوَ الْمَبْنِيُّ عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ وَإِبْطَالِ الْحِيَلِ؟ وَسَنَدُهُمْ: فَتْوَى وَقَعَتْ مِنْ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَانْظُرْهَا فِي الْمُطَوَّلَاتِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [إلَّا الْمُسْتَحَقَّةَ بِحَبْسٍ فَالنَّقْضُ] : مَا مَرَّ فِيمَا إذَا لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأَرْضُ بِحَبْسٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ تُوجِبُ شُبْهَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَيْسَ لِلْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ إلَّا نَقْضُهُ، إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْبُقْعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الْحَبْسِ، وَلَيْسَ لَنَا أَحَدٌ مُعَيَّنٌ نُطَالِبُهُ بِدَفْعِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ قَائِمًا فَيَتَعَيَّنُ النُّقْضُ بِضَمِّ النُّونِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا. خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ.

قَوْلُهُ: [فَانْظُرْهَا فِي الْمُطَوَّلَاتِ] : حَاصِلُهَا أَنَّهُ قَالَ فِي فَتْوَاهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَعَطَّلَ الْوَقْفُ بِالْمَرَّةِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رَيْعٌ لَهُ يُقَيِّمُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ إجَارَتُهُ بِمَا يُقَيِّمُهُ فَأَذِنَ النَّاظِرُ لِمَنْ يَبْنِي فِيهِ أَوْ يَغْرِسُ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ يَدْفَعُهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ، أَوْ لَا يَقْصِدُ إحْيَاءَ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ مَا بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ يَكُونُ لَهُ مِلْكًا وَيَدْفَعُ عَلَيْهِ حَكْرًا مَعْلُومًا فِي نَظِيرِ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ آدَمِيٍّ، فَلَعَلَّ هَذَا يَجُوزُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيُسَمَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>