فَيُرَدُّ الْعَامِلُ إلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْعَمَلِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَلَا يُنْظَرُ فِيهِ لِمُشْبِهٍ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. فَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا كَالْقِرَاضِ لِلُزُومِ عَقْدِهَا. (وَأُجْرَتُهُ) : أَيْ الْمِثْلِ: أَيْ وَوَجَبَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (فِي الْأَوَّلِ) وَهُوَ: مَا قَبْلُ: وَ " إلَّا ": أَيْ كَمَا إذَا وَجَبَتْ فِيمَا إذَا عَثَرَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ وَفُسِخَتْ. وَهَذَا زِيَادَةٌ فِي الْإِيضَاحِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ.
(وَالْقَوْلُ) عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِيمَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ (لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ) : أَيْ لِمَنْ ادَّعَى مِنْهُمَا مَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ بِيَمِينِهِ دُونَ مَا يَقْتَضِي دَعْوَاهُ الْفَسَادَ، كَمَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْجُزْءَ كَانَ مَعْلُومًا، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ كَانَ مَجْهُولًا، أَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا وُقُوعَهَا مَعَ زِيَادَةِ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ، أَوْ أَنَّهَا وَقَعَتْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ وَخَالَفَهُ الثَّانِي، فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ، فَإِنْ غَلَبَ بَيْنَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا كَالْقِرَاضِ] : أَيْ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْقِرَاضِ يَرُدُّ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ تَحَالُفٍ حَيْثُ وَقَعَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الْعَمَلِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ كَمَا إذَا وَجَبَتْ] : أَيْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ: [وَفُسِخَتْ] : أَيْ تَحَتَّمَ فَسْخُهَا مِنْ حِينِ الْعُثُورِ وَفِي الْمَاضِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ.
قَوْلُهُ: [لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ] : أَيْ كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ الْعَمَلِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَفِي الشَّامِلِ. وَصُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ إذَا تَنَازَعَا بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَفُسِخَ. قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ. وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ: بِأَنَّ مَا فِي الشَّامِلِ هُوَ الَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ يُونُسَ وَالتُّونُسِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ؛ فَهُمَا طَرِيقَتَانِ يُؤْخَذَانِ مِنْ (بْن) . وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ، أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الْحَائِطِ: لَمْ تَدْفَعْ لِي الثَّمَرَةَ، وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ دَفَعْتهَا لَك، صُدِّقَ الْعَامِلُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ - ابْنُ الْمَوَّازِ: وَيَحْلِفُ كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ جُذَاذِ النَّاسِ أَوْ وَقْتَهُ - كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ] : أَيْ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي صِحَّتِهِ، وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ عَلَى الْمَشْهُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute