للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسِ وُقُوعُهَا فَاسِدَةً فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ لَهُ. هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ مُطْلَقًا، بَلْ الشَّأْنُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْنَ النَّاسِ وُقُوعُهَا فَاسِدَةً أَكْثَرَ مِنْ الْبَيْعِ لِكَثْرَةِ شُرُوطِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيَّ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ مُطْلَقًا وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِمَا وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ] : قَالَ (بْن) وَهُوَ الصَّوَابُ وَتَعْلِيلُ ابْنِ يُونُسَ الْمُتَقَدِّمُ تَرْجِيحُ قَوْلِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِالْعُرْفِ كَالصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ، أَيْ فَإِذَا انْعَكَسَ الْعُرْفُ عُلِّلَ بِهِ أَيْضًا تَرْجِيحُ قَوْلِ مُدَّعِي الْفَسَادِ. قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا فَسَادًا صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ الْفَسَادَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِيهِ لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ لَهُ كَمَا فِي الْبُيُوعِ (اهـ) .

قَوْلُهُ: [قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ] : أَيْ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْبِيَاعَاتِ يَغْلِبُ فِيهَا الصِّحَّةُ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْبِيَاعَاتِ يَغْلِبُ فِيهَا الْفَسَادُ - كَالسَّلَمِ وَالصَّرْفِ وَالْمُبَادَلَةِ - فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْفَسَادَ: تَتِمَّةٌ:

إنْ قَصَّرَ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي شُرِطَ عَلَيْهِ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ حُطَّ مِنْ نَصِيبِهِ بِنِسْبَتِهِ فَيُنْظَرُ فِي قِيمَةِ مَا عَمِلَ مَعَ قِيمَةِ مَا تَرَكَ فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ مَا تَرَكَ الثُّلُثَ مَثَلًا حُطَّ مِنْ جُزْئِهِ الْمُشْتَرَطِ لَهُ ثُلُثُهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ السَّقْيُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَسَقَى مَرَّتَيْنِ وَأَغْنَاهُ الْمَطَرُ أَوْ السَّيْحُ عَنْ الثَّالِثَةِ لَمْ يُحَطَّ مِنْ حِصَّتِهِ شَيْءٌ، وَكَانَ لَهُ جُزْؤُهُ بِالتَّمَامِ ابْنُ رُشْدٍ بِلَا خِلَافٍ قَالَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ عَلَى سِقَايَةِ حَائِطِهِ زَمَنَ السَّقْيِ - وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ - فَجَاءَ مَاءُ السَّمَاءِ فَأَقَامَ بِهِ حِينًا حُطَّ مِنْ إجَارَتِهِ بِقَدْرِ إقَامَةِ الْمَاءِ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ كَذَا فِي شَرْحِ خَلِيلٍ. خَاتِمَةٌ:

إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: خُذْ هَذِهِ الْأَرْضَ فَاغْرِسْهَا نَوْعًا مُعَيَّنًا فَإِذَا بَلَغَتْ أَوَانَ الْإِثْمَارِ كَانَ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ بَيْنَنَا، صَحَّتْ وَكَانَتْ مُغَارَسَةً شَرْعِيَّةً، فَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ: تَعْيِينُ الْأَرْضِ، وَالشَّجَرِ، وَكَوْنُهَا مِلْكًا لَهُمَا مِنْ وَقْتِ الْإِثْمَارِ، بِحَيْثُ لَا يَجْعَلُ لِلْعَامِلِ ثَمَرًا يَسْتَقِلُّ بِهِ بَعْدَ الْإِثْمَارِ فَسَدَتْ. فَإِنْ اُطُّلِعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ، وَإِلَّا مَضَتْ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى الْغَارِسِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأَرْضِ يَوْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>