مَا قَبْلَهُمَا الْحَقُّ فِي تَعْجِيلِهِمَا لِلْآدَمِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَرُدُّ عَلَيْهِ بَحْثُ الْحَطَّابُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: " أَوْ عُيِّنَ " مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: " إنْ شُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ "، أَيْ: عُيِّنَ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ وَلَمْ يُعْتَدْ فَفَاسِدَةٌ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ. وَيُجَابُ بِأَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلَانِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِبَيَانِ أَنَّ التَّعْجِيلَ حَقٌّ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَيُفْرَدُ الْمُعَيَّنُ عَمَّا قَبْلَهُ لِبَيَانِ أَنَّهُ وَمَا يَلِيه حَقُّ التَّعْجِيلِ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، إلَّا أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ أَخَّرَهُ وَضَمَّهُ لِمَا بَعْدَهُ كَمَا فَعَلْنَا.
(أَوْ) لَمْ يُعَيَّنْ (فِي مَضْمُونِهِ) : أَيْ وَيَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ إذَا كَانَ فِي مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ فِي ذِمَّةِ الْمُؤَجِّرِ (لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا) : أَيْ فِي الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ. كَ: اسْتَأْجَرْتُك عَلَى فِعْلِ كَذَا فِي ذِمَّتِك، أَيْ بِنَفْسِك أَوْ غَيْرِك، أَوْ: عَلَى أَنْ تَحْمِلَنِي عَلَى دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّك لِبَلَدِ كَذَا بِدَنَانِيرَ مَثَلًا. فَإِنْ شَرَعَ فَلَا ضَرَرَ، وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا - أَيْ تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ - فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا عَجَّلَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ، وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ لَك بِمَنَافِعِ الدَّابَّةِ مَثَلًا وَذِمَّتَك مَشْغُولَةٌ بِالدَّرَاهِمِ أَيْ الْأُجْرَةِ. وَأَمَّا لَوْ شَرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ السَّيْرِ لَجَازَ تَأْخِيرُ الْأَجْرِ لِانْتِفَاءِ
ــ
[حاشية الصاوي]
مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ هَاتَيْنِ الْعِلَّتَيْنِ مِنْ مَوَانِعِ السَّلَمِ.
قَوْلُهُ: [يُرَدُّ عَلَيْهِ] : أَيْ عَلَى خَلِيلٍ.
قَوْلُهُ: [مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عُيِّنَ] إلَخْ: لَيْسَ هَذَا لَفْظُ خَلِيلٍ، بَلْ لَفْظُهُ وَعَجَّلَ إنْ عُيِّنَ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ.
قَوْلُهُ: [بِأَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلَانِ] : الْمُنَاسِبُ لِتَرْتِيبِ خَلِيلٍ أَنْ يَقُولَ الْأَخِيرَانِ.
قَوْلُهُ: [وَيُفْرَدُ الْمُعَيَّنُ عَمَّا قَبْلَهُ] : الْمُنَاسِبُ عَمَّا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [لَوْ أَخَّرَهُ] : هَذَا مِمَّا يُعِينُ أَنَّ كَلَامَهُ أَوَّلًا لَا سَبْقَ قَلَمٍ.
قَوْلُهُ: [أَيْ وَيَجِبُ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ] : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِالتَّعْجِيلِ وَلَا اُشْتُرِطَ.
قَوْلُهُ: [فِي ذِمَّتِك] إلَخْ: لَيْسَ هَذَا التَّصْرِيحُ لَازِمًا، بَلْ إنْ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَالْمَنَافِعُ مَضْمُونَةٌ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ] : أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْمِيرِ الذِّمَّتَيْنِ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ إلَخْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute