للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا لِإِحْيَاءٍ مِنْ غَيْرِهِ) بَعْدَ انْدِرَاسِهَا لَا بِقُرْبِ الِانْدِرَاسِ بَلْ (بَعْدَ طُولٍ) يَرَى الْعُرْفُ أَنَّ مَنْ أَحْيَاهَا أَوَّلًا قَدْ أَعْرَضَ عَنْهَا، فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلثَّانِي وَلَا كَلَامَ لِلْأَوَّلِ؛ بِخِلَافِ إحْيَائِهَا بِقُرْبٍ. لَكِنْ إنْ عَمَرَهَا الثَّانِي جَاهِلًا بِالْأَوَّلِ فَلَهُ قِيمَةُ عِمَارَتِهِ قَائِمًا، لِلشُّبْهَةِ. وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَهُ قِيمَتُهَا مَنْقُوضًا. وَهَذَا مَا لَمْ يَسْكُتْ الْأَوَّلُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالثَّانِي بِلَا عُذْرٍ، وَإِلَّا كَانَ سُكُوتُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ بِلَا عُذْرٍ دَلِيلًا عَلَى تَرْكِهَا لَهُ. وَقَوْلُنَا: " بَعْدَ طُولٍ " هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ: تَكُونُ لِلثَّانِي وَلَوْ لَمْ يَطُلْ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ الشَّيْخُ. وَقِيلَ: لَا تَكُونُ لِلثَّانِي أَبَدًا، بَلْ هِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ قِيَاسًا عَلَى مَنْ مَلَكَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَانْدَرَسَتْ، فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ وَلَا كَلَامَ لِمَنْ أَحْيَاهَا اتِّفَاقًا، إلَّا لِحِيَازَةٍ بِشُرُوطِهَا كَمَا يَأْتِي. (أَوْ بِحَرِيمِ عِمَارَةٍ) : عَطْفٌ عَلَى " بِإِحْيَاءٍ "، فَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ " لِأَنَّ الْحَرِيمَ سَبَبٌ فِي الِاخْتِصَاصِ كَالْإِحْيَاءِ: أَيْ مَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِإِحْيَاءٍ أَوْ بِكَوْنِهِ حَرِيمًا لِعِمَارَةٍ لِبَلَدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ بِئْرٍ، فَلِكُلٍّ حَرِيمٌ يَخُصُّهُ. فَبَيَّنَ حَرِيمَ الْبَلَدِ بِقَوْلِهِ: (كَمُحْتَطَبٍ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ: الْمَكَانُ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْهُ الْحَطَبُ (وَمَرْعًى) مَحَلُّ رَعْيِ الدَّوَابِّ (لِبَلَدٍ) فَإِذَا عَمَرَ جَمَاعَةٌ بَلَدًا اخْتَصُّوا بِهِ وَبِحَرِيمِهِ، وَحَرِيمُهُ: مَا يُمْكِنُ الِاحْتِطَابُ مِنْهُ وَالرَّعْيُ فِيهِ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ مَعَ مُرَاعَاةِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [لَكِنْ إنْ عَمَرَهَا الثَّانِي] إلَخْ: اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْإِحْيَاءِ بِالْقُرْبِ وَالْمَعْنَى فَإِنْ أَحْيَا بِالْقُرْبِ فَلَا تَكُونُ لَهُ لَكِنْ إنْ عَمَرَهَا إلَخْ.

قَوْلُهُ: [وَقِيلَ لَا تَكُونُ لِلثَّانِي أَبَدًا] : أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ، وَلِلثَّانِي قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا إنْ كَانَ جَاهِلًا لِلشُّبْهَةِ أَوْ مَنْقُوضًا إنْ كَانَ عَالِمًا.

قَوْلُهُ: [كَمَا يَأْتِي] : أَيْ فِي آخِرِ بَابِ الشَّهَادَاتِ.

قَوْلُهُ: [عَطْفٌ عَلَى بِإِحْيَاءٍ] : أَيْ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَوَاتَ الْأَرْضِ مَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْآتِيَةِ الَّتِي هِيَ: الْإِحْيَاءُ، وَحَرِيمُ الْعِمَارَةِ، وَإِقْطَاعُ الْإِمَامِ، وَحِمَاهُ.

قَوْلُهُ: [لِبَلَدٍ] : مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ مُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى.

<<  <  ج: ص:  >  >>