للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَعَمْ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ فِي ذَلِكَ الْحُبْسِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ مُدَّةَ اسْتِحْقَاقِهِ، فَإِذَا مَاتَ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ اسْتِحْقَاقِهِ رَجَعَ لِمَنْ يَلِيهِ فِي الرُّتْبَةِ. وَأَمَّا مَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِوَقْفٍ أَوْ النَّاظِرَ عَلَى مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ يَبِيعُ الْوَقْفَ بِدَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ وَيَجْعَلُ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْسِهِ لِجِهَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ الْمَسْجِدِ حَكْرًا، ثُمَّ يُوقِفُ ذَلِكَ الْوَقْفَ عَلَى زَوْجَتِهِ وَعُتَقَائِهِ، وَإِذَا لَمْ يُوقِفْهُ بَاعَهُ وَوُرِثَ عَنْهُ - وَيُسَمُّونَهُ خُلُوًّا - فَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَبَعْضُ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ يُفْتِيهِمْ بِجَوَازِهِ وَيُسْنِدُ الْجَوَازَ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهِيَ فَتْوَى بَاطِلَةٌ قَطْعًا. وَحَاشَى الْمَالِكِيَّةُ أَنْ يَقُولُوا بِذَلِكَ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْخَرَشِيِّ: مَا لَمْ يَكُنْ مَنْفَعَةَ حُبْسٍ لِتَعَلُّقِ الْحَبْسِ بِهَا وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْحُبْسُ لَا يُحَبَّسُ كَالْخَلَوَاتِ، وَأَيْضًا هِيَ لَا تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: " مَمْلُوكٍ " إذْ الْمُرَادُ مَمْلُوكٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرٍ (اهـ) .

وَهُوَ كَلَامٌ حَقٌّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَتَوْضِيحُهُ عَلَى مَا شَاهَدْنَاهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ؛ أَنَّ الْحَوَانِيتَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى الْمَسْجِدِ الْغُورِيِّ وَالْأَشْرَفِيِّ وَالنَّاصِرِيِّ وَغَيْرِهَا، يَبِيعُهَا النَّاظِرُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ، فَيَبِيعُ الْحَانُوتَ الْوَاحِدَ بِنَحْوِ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ لَا لِغَرَضٍ سِوَى حُبِّ

ــ

[حاشية الصاوي]

الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ لَا الْمَنْفَعَةَ.

قَوْلُهُ: [نَعَمْ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ جَوَازُ ذَلِكَ وَلَوْ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ.

قَوْلُهُ: [رَجَعَ لِمَنْ يَلِيهِ فِي الرُّتْبَةِ] : أَيْ فَيَأْخُذُهُ مَجَّانًا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ وَاضِعُ الْيَدِ دَافِعًا لِشَيْءٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ضَاعَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: [مِنْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ] إلَخْ: أَيْ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ.

قَوْلُهُ: [لِجِهَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ] : أَيْ أَنَّ الَّذِينَ يَتَجَدَّدُونَ بَعْدَ هَذَا الْمُسْتَحِقِّ الْبَائِعِ.

وَقَوْلُهُ: [أَوْ الْمَسْجِدَ] : رَاجِعٌ لِلنَّاظِرِ.

وَقَوْلُهُ: [حَكْرًا] : أَيْ شَيْئًا قَلِيلًا كَالنِّصْفِ وَالنِّصْفَيْنِ كُلَّ شَهْرٍ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: [عَلَى زَوْجَتِهِ وَعُتَقَائِهِ] : أَيْ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: [إذْ الْمُرَادُ مَمْلُوكٌ] : إلَخْ: أَيْ وَالْمَوْقُوفُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: [وَتَوْضِيحُهُ] : أَيْ تَوْضِيحُ مَا قَالَهُ الْخَرَشِيُّ.

قَوْلُهُ: [لَا لِغَرَضٍ] : أَيْ شَرْعِيٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>