للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ صِحَّتِهِ لِكَوْنِهِ يَرَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِقَاضٍ غَيْرِهِ يَرَى خِلَافَهُ - وَلَا لَهُ - نَقْضُهُ. وَلَا يَجُوزُ لِمُفْتٍ عَلِمَ بِحُكْمِهِ أَنْ يُفْتِيَ بِخِلَافِهِ، وَإِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ عَقْدٍ لِكَوْنِهِ يَرَاهُ وَحَكَمَ آخَرُ بِفَسَادِ مِثْلِهِ لِكَوْنِهِ يَرَاهُ، صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فِي خُصُوصِ مَا وَقَعَ الْحُكْمُ بِهِ. وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ وَلَا لَهُ. قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْحِمَارِيَّةِ: ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي. وَلَمْ يَنْقُضْ حُكْمَهُ الْأَوَّلَ. وَهَلْ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ فِيمَا بَنَى عَلَيْهِ الْحُكْمَ؟ كَمَا لَوْ قَالَ إنْسَانٌ فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ بَنَاهُ غَيْرُ الْعَتِيقِ: إنْ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ

ــ

[حاشية الصاوي]

وَنِيَّتُهُ التَّحْلِيلُ وَرُفِعَ لِلْمَالِكِيِّ وَحَكَمَ بِفَسْخِ النِّكَاحِ فَلَيْسَ لِلْحَنَفِيِّ تَصْحِيحُهُ.

وَقَوْلُهُ: [أَوْ صِحَّتِهِ] : أَيْ كَمَا إذَا سَبَقَ حُكْمُ الْحَنَفِيِّ بِصِحَّةِ عَقْدِ مَنْ نِيَّتُهُ التَّحْلِيلُ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِيِّ نَقْضُهُ.

قَوْلُهُ: [وَلَا يَجُوزُ لِمُفْتٍ] : أَيْ فِي خُصُوصِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ السِّيَاقُ.

قَوْلُهُ: [وَإِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ عَقْدٍ] إلَخْ: أَيْ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

قَوْلُهُ: [قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -] : إلَخْ شَاهِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا لَهُ لِأَنَّهُ الْقَاضِي فِي الْحِمَارِيَّةِ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكَةُ الَّتِي قَالَ فِيهَا صَاحِبُ الرَّحَبِيَّةِ:

وَإِنْ تَجِدْ زَوْجًا وَأَمَّا وِرْثَا ... وَإِخْوَةً لِلْأُمِّ حَازُوا الثُّلُثَا

وَإِخْوَةً أَيْضًا لِأُمٍّ وَأَبٍ ... وَاسْتَغْرَقُوا الْمَالَ بِفَرْضِ النُّصُبِ

فَاجْعَلْهُمْ كُلَّهُمْ لِأُمِّ ... وَاجْعَلْ أَبَاهُمْ حَجَرًا فِي الْيَمِّ

وَاقْسِمْ عَلَى الْإِخْوَةِ ثُلُثَ التَّرِكَهْ ... فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْمُشْتَرَكَهْ

فَكَانَ أَوَّلًا قَضَى فِيهَا بِحِرْمَانِ الْأَشِقَّاءِ لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ وَمَتَى اسْتَغْرَقَتْهَا سَقَطَ الْعَاصِبُ. ثُمَّ رُفِعَتْ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى نَظِيرَتُهَا فَأَرَادَ الْقَضَاءَ فِيهَا كَالْأَوَّلِ فَقَامَ عَلَيْهِ الْأَشِقَّاءُ وَقَالُوا لَهُ: هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَوْ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ أَلَيْسَتْ أُمُّنَا وَاحِدَةً فَقَضَى لَهُمْ بِالتَّشْرِيكِ فِي الثُّلُثِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فِي الْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ فَقِيلَ لَهُ: قَضَيْت فِي السَّابِقَةِ بِحِرْمَانِهِمْ فَقَالَ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي.

قَوْلُهُ: [بَنَاهُ] : صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِمَسْجِدٍ، وَقَوْلُهُ غَيْرِ الْعَتِيقِ صِفَةٌ ثَالِثَةٌ.

قَوْلُهُ: [إنْ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ] إلَخْ: مَقُولُ الْقَوْلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>