للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَمِينَ فَرَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ. وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ لَهُ - أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةَ زُورٍ، فَطَلَبَ الْحَاكِمُ مِنْهَا تَجْرِيحَهَا فَعَجَزَتْ فَحَكَمَ لَهُ بِهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا لِعِلْمِهِ بِإِنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَتِهِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ صَحِيحًا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا. وَكَذَا إذَا طَلَّقَ رَجُلٌ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا فَرَفَعَتْهُ لِلْحَاكِمِ وَعَجَزَتْ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَحَكَمَ لَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِ الطَّلَاقِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي الْبَاطِنِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَهَكَذَا. (إلَّا مَا خَالَفَ إجْمَاعًا) : هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ قَوْلِهِ: " وَرَفَعَ الْخِلَافَ " أَيْ: لَكِنَّ حُكْمَهُ الْمُخَالِفَ لِلْإِجْمَاعِ لَا يَرْفَعُ خِلَافًا وَيَجِبُ نَقْضُهُ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا] : قَالَ فِي الْأَصْلِ كَأَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى أَنَّ حُكْمَهُ صَيَّرَهَا زَوْجَةً كَالْعَقْدِ.

قَوْلُهُ: [وَهَكَذَا] : أَيْ فَقِسْ عَلَى تِلْكَ الْأَمْثِلَةِ مِنْ ذَلِكَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ ثُمَّ وَفَّاهُ إيَّاهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ فَطَلَبَهُ عِنْدَ الْقَاضِي فَقَالَ: وَفَّيْتُهُ لَك فَطَلَبَ مِنْهُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَفَاءِ فَعَجَزَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يُوفِهِ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِالدَّيْنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُدَّعِي أَخْذُهُ ثَانِيَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: لَا أُحِلُّ حَرَامًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحْكُومِ لَهُ. وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي (بْن) أَنَّ مَا بَاطِنُهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِهِ بِحَيْثُ لَوْ اطَّلَعَ الْحَاكِمُ عَلَى بَاطِنِهِ لَمْ يَحْكُمْ، فَحُكْمُ الْحَاكِمِ فِي هَذَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلَا يُحِلُّ الْحَرَامَ، وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: لَا أُحِلُّ حَرَامًا. وَأَمَّا مَا بَاطِنُهُ كَظَاهِرِهِ كَحُكْمِ الشَّافِعِيِّ بِحِلِّ الْمَبْتُوتَةِ بِوَطْءِ الصَّغِيرِ فَحُكْمُهُ رَافِعٌ لِلْخِلَافِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَا حُرْمَةَ عَلَى الْمُقَلِّدِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُلَفَّقَةُ. وَفِي الْحَاشِيَةِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ: أَنَّ الْمُضِرَّ فِي التَّلْفِيقِ الدُّخُولُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الدُّخُولُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا حَصَلَ أَمْرٌ اتِّفَاقِيٌّ جَازَ، كَمَا لَوْ عَقَدَ مَالِكِيٌّ لِصَبِيٍّ فِي حِجْرِهِ عَلَى امْرَأَةٍ مَبْتُوتَةٍ، وَدَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا ثُمَّ رُفِعَ أَمْرُهُ لِحَاكِمٍ مَالِكِيٍّ فَطَلَّقَ عَلَى الصَّبِيِّ لِمَصْلَحَةٍ، ثُمَّ رُفِعَ الْأَمْرُ لِحَاكِمٍ شَافِعِيٍّ فَحَكَمَ بِحِلِّيَّةِ وَطْءِ الصَّغِيرِ لِلْمَبْتُوتَةِ فَيَجُوزُ لِلْبَاتِّ الْمَالِكِيِّ الْعَقْدُ عَلَى زَوْجَتِهِ الْمَبْتُوتَةِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (انْتَهَى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>