للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ ذَلِكَ: خُذُوهُ فَاقْتُلُوهُ، أَوْ: حُدُّوهُ، أَوْ: عَزِّرُوهُ. (لَا) إنْ قَالَ فِي أَمْرٍ رُفِعَ إلَيْهِ، كَتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ وَكَبَيْعٍ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ: (لَا أُجِيزُهُ) : فَلَا يَكُونُ حُكْمًا وَلَا يَرْفَعُ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْفَتْوَى كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ، فَلِغَيْرِهِ الْحُكْمُ بِمَا يَرَاهُ مِنْ مَذْهَبِهِ.

(أَوْ أَفْتَى) بِحُكْمٍ سُئِلَ عَنْهُ بِأَنْ قِيلَ لَهُ: يَجُوزُ كَذَا؟ أَوْ: يَصِحُّ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِالصِّحَّةِ أَوْ عَدَمِهَا فَلَا يَكُونُ إفْتَاؤُهُ حُكْمًا يَرْفَعُ الْخِلَافَ؛ لِأَنَّ الْإِفْتَاءَ إخْبَارٌ بِالْحُكْمِ لَا إلْزَامٌ. وَالْحَقُّ أَنَّ قَوْلَ الْحَاكِمِ: لَا أُجِيزُهُ - إنْ كَانَ بَعْدَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى - فَهُوَ حُكْمٌ يَرْفَعُ الْخِلَافَ، وَإِنْ كَانَ بِمُجَرَّدِ إخْبَارٍ، كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ: إنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ؟ فَقَالَ: لَا أُجِيزُهُ فَهُوَ مِنْ الْفَتْوَى. وَعِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ تُشِيرُ إلَى ذَلِكَ؛ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُقْتَضَى جَعْلِهِ فَتْوَى أَنَّ لِمَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [خُذُوهُ فَاقْتُلُوهُ] إلَخْ: أَيْ عِنْدَ ثُبُوتِ مُوجِبِ الْقَتْلِ أَوْ الْحَدِّ أَوْ التَّعْذِيرِ.

قَوْلُهُ: [بِأَنْ قِيلَ لَهُ يَجُوزُ كَذَا] : أَيْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِفْهَامِ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ تَخْفِيفًا.

وَقَوْلُهُ: [أَوْ لَا] : مُقَابِلٌ لِكُلٍّ مَنْ يَجُوزُ أَوْ يَصِحُّ.

وَقَوْلُهُ: [فَأَجَابَ بِالصِّحَّةِ أَوْ عَدَمِهَا] : رَاجَعَ لِقَوْلِهِ أَوْ يَصِحُّ وَحُذِفَ جَوَابُ الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: [وَعِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ تُشِيرُ إلَى ذَلِكَ] : أَيْ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا إذَا رَفَعَ إلَيْهِ قَضِيَّةَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ لَا أُجِيزُ نِكَاحًا بِغَيْرِ وَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى فَسْخِ هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ انْتَهَى، فَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى فَسْخِ هَذَا النِّكَاحِ إنْ قَصَدَ الْفَسْخَ بِهَذَا اللَّفْظِ يُعَدُّ حُكْمًا.

قَوْلُهُ: [وَقَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ] إلَخْ: هَذَا فِيهِ إجْمَالٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْمُفَصَّلِ أَوْ لِلْمُطْلَقِ، فَعَلَى طَرِيقَةِ الْمُفَصَّلِ يُقَالُ فِيهِ إنْ تَقَدَّمَهُ دَعْوَى فَحُكْمٌ قَطْعًا وَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ دَعْوَى فَجَوَازُ نَقْضِهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ فَتْوَى. تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي صِحَّةُ الْبَيْعِ أَوْ فَسَادُهُ أَوْ مَلَكَ فُلَانٌ بِسِلْعَةِ كَذَا نَحْوُ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ حُكْمًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَقَدْ أَلَّفَ الْمَازِرِيُّ جُزْءًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ كَذَا فِي (بْن) .

<<  <  ج: ص:  >  >>