لَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْأَوَّلُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلثَّانِي نَقْضُهُ (اهـ) .
(وَلَا يَتَعَدَّى) حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي نَازِلَةٍ (لِمُمَاثِلٍ) لَهَا. (بَلْ إنْ تَجَدَّدَ) الْمُمَاثِلُ (فَالِاجْتِهَادُ) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ. فَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا فَلْيَحْكُمْ بِمَا حَكَمَ بِهِ أَوَّلًا مِنْ رَاجِحِ قَوْلِ مُقَلَّدِهِ، وَلِغَيْرِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ أَنْ يَحْكُمَ بِضِدِّهِ، كَمَا لَوْ حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِفَسْخِ نِكَاحِ مَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ، ثُمَّ تَجَدَّدَ مِثْلُهَا فَرَفَعَتْ الْأُخْرَى لِحَنَفِيٍّ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ. وَكُلٌّ مِنْهُمَا ارْتَفَعَ فِيهَا الْخِلَافُ وَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ. وَقَوْلُنَا: " وَلَا يَتَعَدَّى لِمُمَاثِلٍ " إلَخْ: أَيْ وَلَوْ فِي الذَّاتِ الْمَحْكُومِ فِيهَا أَوَّلًا؛ كَمَا إذَا فَسَخَ نِكَاحَ مَنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا لِكَوْنِهِ يَرَى ذَلِكَ. ثُمَّ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ الْفَسْخِ لِنَفْسِ ذَلِكَ الزَّوْجِ بِلَا وَلِيٍّ؛ فَإِنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلِاجْتِهَادِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَهُ تَصْحِيحُ الثَّانِي إنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، وَلِغَيْرِهِ - كَالْحَنَفِيِّ - الْحُكْمُ بِتَصْحِيحِهِ وَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ أَيْضًا.
وَ (كَأَنْ حَكَمَ فِي نَازِلَةٍ بِمُجَرَّدِ الْفَسْخِ) : دُونَ التَّأْبِيدِ، وَإِنْ كَانَ يَرَى حِينَ حُكْمِهِ بِمُجَرَّدِ الْفَسْخِ تَأْيِيدَ التَّحْرِيمِ (كَفَسْخٍ) لِنِكَاحٍ (بِرَضْعِ) طِفْلٍ (كَبِيرٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ؛ وَالْكَبِيرُ: مَنْ زَادَ عُمْرُهُ عَلَى عَامَيْنِ وَشَهْرَيْنِ، فَلَوْ تَزَوَّجَ بِبِنْتِ مَنْ أَرْضَعَتْهُ كَبِيرًا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَالِاجْتِهَادُ مِنْهُ] : أَيْ مِثْلُ وَاقِعَةِ عُمَرَ فِي الْحِمَارِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ رَاجِحِ قَوْلِ مُقَلَّدِهِ] : أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ وَظَهَرَ لَهُ أَرْجَحِيَّةُ غَيْرِ مَا حَكَمَ بِهِ أَوَّلًا فَيَحْكُمُ ثَانِيًا بِغَيْرِ مَا حَكَمَ بِهِ أَوَّلًا.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ تَجَدَّدَ مِثْلُهَا] : أَيْ وَلَوْ فِي عَيْنِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا] : أَيْ جَدَّدَتْ عَقْدًا آخَرَ.
قَوْلُهُ: [وَكَأَنْ حَكَمَ] : قَدَّرَ الْوَاوَ لِأَجْلِ الْمِثَالِ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ حَكَمَ مَالِكِيٌّ إلَخْ فَمَزَجَهُ مَعَ الْمَتْنِ وَجَعَلَ مِثَالَهُ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْمُصَنَّفُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِتَقْدِيرِ الْوَاوِ، وَهَذِهِ الْأَمْثِلَةُ لِلْمُتَجَدِّدِ الْمُعَرَّضِ لِلِاجْتِهَادِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ يَرَى] إلَخْ: أَيْ لَكِنْ لَمْ يَقْصِدْ بَعْدُ بِالْحُكْمِ عِنْدَ الْفَسْخِ التَّأْيِيدَ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ حُكْمٌ بِالتَّحْلِيلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
قَوْلُهُ: [فَلَوْ تَزَوَّجَ بِبِنْتِ مَنْ أَرْضَعَتْهُ كَبِيرًا] : لَا مَفْهُومَ بِالتَّزَوُّجِ بِبِنْتِهَا بَلْ كَذَلِكَ التَّزَوُّجُ بِهَا لِأَنَّ مَنْ يَرَى التَّحْرِيمَ فِي التَّزَوُّجِ بِبِنْتِهَا يَقُولُ: إنَّهَا أُخْتُهُ وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute