فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (يَتَمَيَّزُ) : نَعْتٌ لِ: " غَائِبٍ " أَيْ: إذَا كَانَ الْغَائِبُ يَتَمَيَّزُ (بِالصِّفَةِ) مِنْ حَيَوَانٍ؛ كَعَبْدٍ وَغَيْرِهِ كَثَوْبٍ (وَلَوْ عَقَارًا) مِنْ سَائِرِ الْمُقَوَّمَاتِ. وَلَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ، فَلَوْ كَانَ لَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ كَقُطْنٍ وَحَرِيرٍ، فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِيمَتِهِ - سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ أَوْ الْمِثْلِيَّاتِ - حَكَمَ بِهِ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمِثْلِيِّ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهِ. وَاحْتُرِزَ بِالْغَائِبِ مِنْ الْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بِتَمَيُّزِهِ بِالصِّفَةِ أَمْ لَا، إلَّا أَنْ يَعْسُرَ إحْضَارُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ. وَإِذَا كَانَ لَهُ الْحُكْمُ بِالْغَائِبِ - وَلَوْ عَقَارًا - (فَالدَّعْوَى حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْأَرْجَحِ) فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ: حَتَّى تَحْضُرَ مَحَلَّ الْمُدَّعَى بِهِ، فَلِلطَّالِبِ إقَامَةُ الدَّعْوَى عَلَى خَصْمِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ.
وَقِيلَ: مَحَلُّ الدَّعْوَى حَيْثُ الْمُدَّعَى بِهِ فَيُجَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الدَّعْوَى فِيهِ. وَالْخِلَافُ فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ. وَأَمَّا الدَّيْنُ فَحَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَوَطِّنًا بِغَيْرِ وِلَايَةِ الْقَاضِي فَدَخَلَ بَلَدَ الْقَاضِي فَتَعَلَّقَ بِهِ خَصْمُهُ. وَأَمَّا قَاضِي بَلَدِهِ فَيَحْكُمُ
ــ
[حاشية الصاوي]
كِتَابًا مَثَلًا بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا مِلْكٌ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ لَهُ بِهِ كَمَا يَحْكُمُ بِالدَّيْنِ الْمُتَمَيِّزِ بِالصِّفَةِ، وَإِنْ كَانَ تَمْيِيزُهُ نَوْعِيًّا لَا شَخْصِيًّا كَمَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَحَابِيبِ أَوْ الرِّيَالَاتِ كَذَا أَوْ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ إرْدَبَّ قَمْحٍ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً قَدْرُهَا كَذَا فَإِنَّهُ يَحْكُمُ لَهُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [حَكَمَ بِهِ أَيْضًا] : أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْقِيمَةِ لَا بِالْمُقَوَّمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ قَالَ حَكَمَ بِهَا أَيْضًا كَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: [فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ] : هَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْخَرَشِيِّ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ لَوْ قَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ.
قَوْلُهُ: [فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ] : اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى الْأَرْجَحِ] : أَيْ وَبِهِ الْعَمَلُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ.
قَوْلُهُ: [مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ] : أَيْ وَلَوْ مِثْلِيَّاتٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute