للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ إذَا كَانَ الْغِيبَةُ بَعِيدَةً جِدًّا وَلَوْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ أَوْ مُتَوَسِّطَةً فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ، وَالْقَرِيبُ كَالْحَاضِرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا مُتَوَطِّنٌ بِبَلَدِ الْقَاضِي ادَّعَى عَلَيْهِ بِغَائِبٍ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِنَا: " وَحَكَمَ بِغَائِبٍ يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ ". (وَمُكِّنَ مُدَّعٍ لِغَائِبٍ بِلَا تَوْكِيلٍ) لَهُ مِنْ الْغَائِبِ بَلْ حِسْبَةً لِلَّهِ (إنْ خِيفَ ضَيَاعُ الْمَالِ) : أَيْ مَالِ الْغَائِبِ، بِأَنْ كَانَ مَنْ لَهُ الْمَالُ غَائِبًا فَخَافَ حَاضِرٌ أَنْ يُضَيِّعَ مَالَهُ فَرَفَعَ الْحَاضِرُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي وَادَّعَى عَنْ الْغَائِبِ حِسْبَةً لِحِفْظِ مَالِ الْغَائِبِ فَيُمَكَّنُ مِنْ الدَّعْوَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يُمَكَّنُ. (وَلَا حُكْمَ لَهُ) : أَيْ لِلْقَاضِي (بِغَيْرِ وِلَايَتِهِ) : بَلْ هُوَ كَآحَادِ النَّاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [حِسْبَةً] : بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ عَلَى وَزْنِ قِرْبَةٍ.

قَوْلُهُ: [فَيُمَكَّنُ مِنْ الدَّعْوَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ] إلَخْ: مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا كَانَ مَنْ يُرِيدُ الدَّعْوَى لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، أَمَّا مَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ كَزَوْجَةِ الْغَائِبِ وَأَقَارِبِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَيُمَكَّنُونَ مِنْ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ ضَمَانٌ كَمُسْتَعِيرٍ لِمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمُرْتَهِنٍ كَذَلِكَ وَحَمِيلِ مَدِينٍ أَرَادَ فِرَارًا أَوْ سَفَرًا بَعِيدًا فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا.

قَوْلُهُ: [بَلْ هُوَ كَآحَادِ النَّاسِ] : أَيْ فَقَاضِي رَشِيدٍ لَا حُكْمَ لَهُ بِصَوْمٍ مَثَلًا فِي إسْكَنْدَرِيَّةَ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْ نَازِلًا بِهَا، فَلَوْ أَرَادَتْ امْرَأَةٌ التَّزَوُّجَ وَلَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ إلَّا الْقَاضِي فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْقَاضِي الَّذِي هُوَ بِمَحِلِّ وِلَايَتِهِ؛ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ بِإِسْكَنْدَرِيَّةِ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَّا الْقَاضِي فَلَا يُزَوِّجُهَا قَاضِي رَشِيدٍ وَإِنَّمَا يُزَوِّجُهَا قَاضِي إسْكَنْدَرِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ قَاضِي رَشِيدٍ نَازِلًا بِإِسْكَنْدَرِيَّةِ بَلْ هُوَ كَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ تَرْتَحِلْ الْمَرْأَةُ لِمَحِلِّ وِلَايَتِهِ وَتُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِهَا وَإِلَّا فَالْحَقُّ لَهُ، وَقِسْ عَلَى هَذَا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ وِلَايَةِ قَاضِي الْقَاهِرَةِ جَمِيعُ الْبِلَادِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ لَهَا قَاضٍ مُسْتَقِلٌّ مِنْ السُّلْطَانِ فَجَمِيعُ الْبِلَادِ الَّتِي تَأْخُذُ قُضَاتُهَا النِّيَابَةَ مِنْهُ يُقَالُ لَهَا: مَحَلُّ وِلَايَتِهِ. تَتِمَّةٌ: يَجْلِبُ الْقَاضِي الْخَصْمَ بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ أَوْ وَرَقَةٍ أَوْ أَمَارَةٍ إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَقَلَّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَرَادَ جَلْبَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي إلَّا بِشَاهِدٍ يَشْهَدُ بِالْحَقِّ فَيَجْلِبُهُ وَلَكِنْ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ لَهُ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ أَوْ تُوَكِّلَ أَوْ تُرْضِي خَصْمَك فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ قَضَيْنَا عَلَيْك.

<<  <  ج: ص:  >  >>