(عَلَى مُكَلَّفٍ) : وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ، الَّذِي بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ كَافِرًا. إذْ الصَّحِيحُ تَكْلِيفُهُمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَأُصُولِهَا، وَالتَّكْلِيفُ: طَلَبُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ، وَالطَّلَبُ يَشْمَلُ الْجَازِمَ وَغَيْرَهُ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا؛ فَالْمَنْدُوبُ وَالْمَكْرُوهُ مُكَلَّفٌ بِهِمَا. وَقِيلَ: إلْزَامُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ. وَالْإِلْزَامُ: الطَّلَبُ الْجَازِمُ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا. فَالْمَنْدُوبُ وَالْمَكْرُوهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهِمَا كَالْمُبَاحِ اتِّفَاقًا. وَالْكُلْفَةُ. الْمَشَقَّةُ وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَشَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ.
قَوْلُهُ: [كَأُصُولِهَا] : أَيْ وَهُوَ الْعَقَائِدُ فَمُكَلَّفُونَ بِهَا إجْمَاعًا، فَمَنْ أَنْكَرَ تَكْلِيفَهُمْ بِهَا كَفَرَ بِخِلَافِ الْفُرُوعِ، فَفِي تَكْلِيفِهِمْ بِهَا خِلَافٌ، وَالصَّحِيحُ تَكْلِيفُهُمْ، كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى تَكْلِيفِهِمْ بِالْفُرُوعِ تَعْذِيبُهُمْ عَلَى تَرْكِهَا زِيَادَةً عَلَى عَذَابِ الْكُفْرِ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْله تَعَالَى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: ٤٢] {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: ٤٣] ، الْآيَاتُ.
قَوْلُهُ: [وَالتَّكْلِيفُ طَلَبُ] إلَخْ: شُرُوعٌ فِي مَسْأَلَةٍ أُصُولِيَّةٍ اُخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ.
قَوْلُهُ: [الْجَازِمَ] : أَيْ وَهُوَ الْوَاجِبُ وَالْحَرَامُ. وَقَوْلُهُ [وَغَيْرَهُ] أَيْ وَهُوَ الْمَنْدُوبُ وَالْمَكْرُوهُ.
قَوْلُهُ: [فِعْلًا أَوْ تَرْكًا] : رَاجِعٌ لِلْجَازِمِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [فَالْمَنْدُوبُ وَالْمَكْرُوهُ] إلَخْ: أَيْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَيَكُونُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ مُكَلَّفًا لِتَعَلُّقِ الْأَمْرِ الْغَيْرِ الْجَازِمِ بِهِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَوْلُهُمْ الْمُكَلَّفُ هُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ أَيْ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي الْجَازِمَةُ وَغَيْرُ الْجَازِمَةِ، فَالْحَصْرُ إضَافِيٌّ.
قَوْلُهُ: [غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِهِمَا] : أَيْ فَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فَقَوْلُهُمْ الْمُكَلَّفُ هُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ حَصْرٌ حَقِيقِيٌّ.
قَوْلُهُ: [وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ] : أَيْ كَمَا قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: مَسْأَلَةُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute