وَهُوَ فِي النَّهْيِ: التَّرْكُ؛ أَيْ كَفُّ النَّفْسِ عَنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. فَشَمِلَ قَوْلُنَا: [مُكَلَّفٌ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ] : الْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ، وَبُلُوغُ الدَّعْوَةِ.
(مُتَمَكِّنٌ) : شَرْعًا وَعَادَةً (مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ) : خَرَجَ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمَا مِنْهَا شَرْعًا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا. وَخَرَجَ فَاقِدُ الطُّهْرَيْنِ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِمَا كَالْمُكْرَهِ وَالْمَرْبُوطِ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يَقْضِيهَا إنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الطَّهَارَةِ عَادَةً. وَقِيلَ: تَجِبُ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيهَا وَلَا يَقْضِي وَلَا وَجْهَ لَهُ. وَقِيلَ: بَلْ يَقْضِي وَلَا يُؤَدِّيهَا كَالنَّائِمِ. وَرُدَّ بِوُجُودِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّ النَّائِمَ وَالنَّاسِيَ عِنْدَهُمَا نَوْعُ تَفْرِيطٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، وَأَيْضًا عُذْرُهُمَا يَزُولُ بِأَدْنَى تَنْبِيهٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا. وَلِذَا طَلَبَ الشَّارِعُ مِنْهُمَا الْقَضَاءَ اسْتِدْرَاكًا لِمَا فَاتَهُمَا وَأَبْقَى مَا عَدَاهُمَا عَلَى الْأَصْلِ. فَفَاقِدُ الطُّهْرَيْنِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ كَالْحَائِضِ وَالْمَجْنُونِ. وَقِيلَ: يُؤَدِّي وَيَقْضِي احْتِيَاطًا وَلَا نَظِيرَ لَهُ يُقَاسُ عَلَيْهِ. فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ مَالِكٌ.
(غَيْرُ نَائِمٍ وَلَا غَافِلٍ) : بِالْجَرِّ؛ نَعْتٌ ثَالِثٌ. فَخَرَجَ النَّائِمُ وَالْغَافِلُ أَيْ النَّاسِي
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَهُوَ فِي النَّهْيِ التَّرْكُ] : أَيْ فَالْمُرَادُ بِفِعْلٍ مَا يَشْمَلُ الْجُسْمَانِيَّ وَالنَّفْسَانِيَّ كَتَرْكِ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ وَالِاعْتِقَادَاتِ، فَإِنَّهَا أَفْعَالٌ نَفْسَانِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: [فَشَمِلَ قَوْلُنَا] إلَخْ: تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا] : أَيْ وَلَا تَصِحُّ، لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ الْخُلُوَّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ شَرْطٌ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: [فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ] : أَيْ وَلَا تَصِحُّ، لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: [بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ] : تَنَازَعَهُ كُلُّ مَنْ تَمَكَّنَ وَلَا يَقْضِيهَا.
قَوْلُهُ: [عَلَى الْمَشْهُورِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَوْلُهُ: [عَادَةً] : وَقَدْ يَكُونُ عَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْ الطَّهَارَةِ شَرْعِيًّا؛ كَخَوْفِ ضَيَاعِ الْمَالِ.
قَوْلُهُ: [فَيُؤَدِّيهَا] إلَخْ: هُوَ لِأَشْهَبَ
قَوْلُهُ: [بَلْ يَقْضِي] إلَخْ: هُوَ لِأَصْبَغَ.
قَوْلُهُ: [فَفَاقِدُ الطُّهْرَيْنِ] إلَخْ: تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ [وَأَبْقَى مَا عَدَاهُمَا] إلَخْ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يُؤَدِّي وَيَقْضِي] إلَخْ: هُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ