(وَإِنْ زَادَ) التَّعْزِيرَ (عَلَى الْحَدِّ) بِالْجَلْدِ كَأَنْ زَادَ عَلَى مِائَةٍ (أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ) : بِأَنْ نَشَأَ عَنْهُ مَوْتٌ، فَلَا إثْمَ وَلَا دِيَةَ (إنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ) مِنْ فِعْلِهِ. وَإِنَّمَا قَصَدَ التَّشْدِيدَ لِمَا صَدَرَ مِنْهُ كَسَبِّ الصَّحَابَةِ.
(وَإِلَّا) يَظُنُّ السَّلَامَةَ، فَإِنْ شَكَّ مُنِعَ.
وَ (ضَمِنَ) مَا سَرَى عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ: أَيْ ضَمِنَ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ السَّلَامَةِ فَالْقَوَدُ: فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ فَخَابَ ظَنُّهُ وَسَرَى لِمَوْتٍ أَوْ عُضْوٍ فَهَدَرٌ، وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهَا فَالْقِصَاصُ، وَإِنْ شَكَّ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. وَيُعْلَمُ ظَنُّ السَّلَامَةِ أَوْ الشَّكُّ مِنْ إقْرَارِ الْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ.
(كَتَأْجِيجِ نَارٍ بِرِيحٍ عَاصِفٍ) : أَيْ شَدِيدٍ فَأَحْرَقَتْ مَالًا فَيَضْمَنُهُ فِي مَالِهِ أَوْ نَفْسًا، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ لَا يَظُنُّ فِيهِ الْوُصُولَ إلَى الْمَحْرُوقِ عَادَةً فَلَا ضَمَانَ.
(وَكَسُقُوطِ جِدَارٍ) عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ فَأَتْلَفَهُ، فَيَضْمَنُ الْمَالَ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ:
(مَالَ) : بَعْدَ أَنْ كَانَ مُسْتَقِيمًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
إجْمَاعًا، وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ جَوَازِ التَّعْزِيرِ لِلسُّلْطَانِ بِأَخْذِ الْمَالِ فَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الْبَرَادِعِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَمْسِكَ الْمَالَ عِنْدَهُ مُدَّةً لِيَنْزَجِرَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَيْهِ لَا أَنَّهُ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ الظَّلَمَةُ، إذْ لَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَفِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ:
وَلَمْ تَجُزْ عُقُوبَةٌ بِالْمَالِ ... أَوْ فِيهِ عَنْ قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ
قَوْلُهُ: [بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ] : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ ضَمَانِ صَاحِبِهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجِدَارِ إلَّا إذَا قَضَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِالْهَدْمِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ وَهْبٍ، وَقِيلَ إنْ بَلَغَ حَدًّا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ هَدْمُهُ لِشِدَّةِ مَيَلَانِهِ فَتَرَكَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ، إشْهَادٌ وَلَا حُكْمٌ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute