(وَأَنْذَرَ صَاحِبَهُ) بِأَنْ قِيلَ لَهُ: أَصْلِحْ جِدَارَك وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ بِالْإِنْذَارِ، وَيَكْفِي عِنْدَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ حَاكِمٍ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَظْهَرُ مَيَلَانُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَحْتَاجُ لِلْإِنْذَارِ، كَمَا لَوْ بَنَاهُ مِنْ الْأَصْلِ مَائِلًا وَاحْتُرِزَ عَنْ " غَيْرِ صَاحِبِهِ ". كَمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَلَوْ أُنْذِرُوا.
(وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ) : أَيْ إصْلَاحُهُ قَبْلَ السُّقُوطِ؛ وَلَمْ يُصْلِحْهُ حَتَّى سَقَطَ، فَيَضْمَنُ. لَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَدَارُكُهُ بِأَنْ سَقَطَ قَبْلَ زَمَنٍ يُمْكِنُهُ الْإِصْلَاحُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الشُّرُوطَ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ لِصَاحِبِهِ مَيَلَانُهُ وَلَمْ يَبْنِهِ مِنْ الْأَصْلِ مَائِلًا.
(أَوْ عَضَّهُ) شَخْصٌ (فَسَلَّ) الْمَعْضُوضُ (يَدَهُ) عَنْ فَمِ الْعَاضِّ (فَقَلَعَ) الْمَعْضُوضُ (أَسْنَانَهُ) : أَيْ الْعَاضِّ (قَصْدًا) لِقَلْعِ أَسْنَانِهِ، فَيَضْمَنُ دِيَةَ الْأَسْنَانِ فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَلَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُ يَدِهِ إلَّا بِقَلْعِ أَسْنَانِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا عَضَّ رَجُلٌ آخَرَ فَنَزَعَ يَدَهُ فَقَلَعَ سِنَّهُ: «أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ؟ لَا دِيَةَ لَهُ» .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأَنْذَرَ صَاحِبَهُ] : الْمُرَادُ بِهِ مَالِكُهُ الْمُكَلَّفُ أَوْ وَكِيلُهُ الْخَاصُّ أَوْ الْعَامُّ الَّذِي هُوَ الْحَاكِمُ إذَا كَانَ رَبُّ الْجِدَارِ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ خَاصٌّ، وَمِنْ الْوَكِيلِ الْخَاصِّ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَوَصِيُّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، فَإِذَا سَقَطَ الْجِدَارُ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ ضَمِنَ وَصِيُّ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ فِي مَالِهِ، وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ مَالٌ وَضَمِنَ نَاظِرُ وَقْفٍ وَوَكِيلٌ خَاصٌّ مَعَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ مَالٌ يَصْلُحُ مِنْهُ لِتَقْصِيرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَأَمْكَنَهُمَا التَّسَلُّفُ عَلَى ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَلِيءٌ وَتَرَكَا حَتَّى سَقَطَ ضَمِنَا فِيمَا يَظْهَرُ أَفَادَهُ (عب) .
قَوْلُهُ: [فَيَضْمَنُ دِيَةَ الْأَسْنَانِ] : إنَّمَا لَمْ يَقْتَصَّ مِنْهُ لِتَعَدِّي الْعَاضِّ فِي الِابْتِدَاءِ.
قَوْلُهُ: [لَمَّا عَضَّ رَجُلٌ آخَرَ] : أَيْ حِينَ عَضَّ رَجُلٌ رَجُلًا آخَرَ.
وَقَوْلُهُ: «أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ» ؟ : الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّوْبِيخِ.
وَقَوْلُهُ: «كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ» : الْمُرَادُ فَحْلُ الْإِبِلِ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ الدِّيَةُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute