وَصَدَقَةٍ لِأَنَّهُ صَارَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَالْبَيْعُ إلَخْ يُنَافِي ذَلِكَ.
(وَ) إنْ وَقَعَ مِنْ السَّيِّدِ بَيْعٌ لِلْمُدَبَّرِ أَوْ هِبَةٌ أَوْ صَدَقَةٌ (فُسِخَ بَيْعُهُ) وَهِبَتُهُ أَوْ صَدَقَتُهُ (إنْ لَمْ يُعْتِقْ) أَيْ لَمْ يُعْتِقْهُ الْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُمْ عِتْقٌ قَبْلَ الْفَسْخِ مَضَى وَيَصِيرُ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ لَا لِلْمُدَبَّرِ، وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إذَا أَعْتَقَهُ عَلَى مَنْ دَبَّرَهُ.
(كَالْمُكَاتَبِ) : تَشْبِيهٌ تَامٌّ؛ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُفْسَخُ إنْ لَمْ يُعْتِقْ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ مَضَى وَالْوَلَاءُ لَهُ لَا لِمَنْ كَاتَبَهُ.
(وَعَتَقَ الْمُدَبَّرُ) أَيْ نَفَذَ عِتْقُهُ وَتَمَّ (بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ) : الَّذِي دَبَّرَهُ (مِنْ ثُلُثِهِ) : أَيْ السَّيِّدِ، فَمَتَى حَمَلَهُ الثُّلُثُ خَرَجَ كُلُّهُ حُرًّا. (وَقُوِّمَ) الْمُدَبَّرُ (بِمَالِهِ) : أَيْ مَعَ مَالِهِ، حَيْثُ لَمْ يَسْتَثْنِهِ السَّيِّدُ فَيُقَالُ: كَمْ يُسَاوِي هَذَا الْعَبْدُ مَثَلًا عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الْمَالِ كَذَا؟ فَإِنْ قِيلَ: مِائَةٌ، قِيلَ: وَكَمْ تَرَكَ سَيِّدُهُ؟ فَإِنْ قِيلَ: مِائَتَيْنِ فَيَخْرُجُ كُلُّهُ حُرًّا.
(فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَهُ عَتَقَ مِنْهُ) مَحْمَلُ الثُّلُثِ وَرُقَّ الْبَاقِي. مَثَلًا: قِيمَتُهُ بِلَا مَالٍ مِائَةٌ، وَمَالُهُ مِائَةٌ، وَتَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً؛ فَيَعْتِقُ مِنْهُ النِّصْفُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُفْتِي بِبَيْعِهِ إذَا تَعَنَّتَ عَلَى مَوْلَاهُ وَأَحْدَثَ أُمُورًا قَبِيحَةً لَا تُرْضَى وَقَدْ أَفْتَى الْقُورِيُّ بِمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَفَادَهُ (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ عِتْقَهُ لَهُ فَوْتٌ لِلْبَيْعِ وَالْبَيْعُ الْمُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالثَّمَنِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ مُضِيِّ عِتْقِ الْمُشْتَرِي وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُ مَا لَمْ يَتَأَخَّرْ عِتْقُهُ إلَى مَوْتِ الْمُدَبِّرِ بِالْكَسْرِ، فَإِنْ تَأَخَّرَ فَإِنَّهُ لَا يَمْضِي عِتْقُهُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ انْعَقَدَ لِمُدَبِّرِهِ، إمَّا لِحَمْلِ الثُّلُثِ لِكُلِّهِ فَيَعْتِقُ كُلُّهُ أَوْ لِبَعْضِهِ فَيَعْتِقُ بَعْضُهُ وَحَيْثُ انْعَقَدَ الْوَلَاءُ لِمُدَبِّرِهِ قَبْلَ عِتْقِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ صَارَ عِتْقُ مَنْ ذُكِرَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا فَلِلْمُشْتَرِي الَّذِي لَمْ يَمْضِ عِتْقُهُ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى تَرِكَةِ الْمُدَبِّرِ.
قَوْلُهُ: [وَقُوِّمَ الْمُدَبَّرُ بِمَالِهِ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا أَوْ عَرْضَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute