(وَتُرِكَ لَهُ مَالُهُ) : كُلُّهُ مِلْكًا. وَوَجْهُ عِتْقِ النِّصْفِ: أَنَّهُ بِمَالِهِ مِائَتَانِ، وَهُمَا مَعَ مِائَةِ السَّيِّدِ ثَلَثُمِائَةٍ، وَثُلُثُهَا مِائَةٌ، وَهِيَ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَعَ مَا لَهُ؛ فَيَعْتِقُ نِصْفُهُ لِحَمْلِ الثُّلُثِ النِّصْفَ. وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِلَا مَالٍ مِائَتَيْنِ، وَتَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً، فَيُعْتِقُ النِّصْفُ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَتَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ، فَمَجْمُوعُ التَّرِكَةِ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ، وَثُلُثُهَا ثَمَانُونَ، نِسْبَتُهَا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ؛ فَيَعْتِقُ مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ، لِأَنَّكَ تَنْظُرُ نِسْبَةَ ثُلُثِ الْمَالِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَتِلْكَ النِّسْبَةُ بِعِتْقٍ مِنْ الْعَبْدِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَتُرِكَ لَهُ مَالُهُ كُلُّهُ] : هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ لَا يَبْقَى بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ إلَّا مِقْدَارُ مَا عَتَقَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ الْمَالُ كُلُّهُ بِيَدِهِ لَكَانَ فِيهِ غَبْنٌ عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ عِتْقُهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمَالِ إلَّا بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَاعْتَرَضَهُ (ح) بِمُخَالَفَتِهِ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا: إنَّ مَا فِي التَّوْضِيحِ سَهْوٌ (اهـ) . وَشُبْهَةُ مَا فِي التَّوْضِيحِ جَوَابُهَا أَنَّ بَقَاءَ نِصْفِ الْمُدَبَّرِ مَثَلًا رِقًّا لِلْوَرَثَةِ مَعَ كُلِّ مَالِهِ أَكْثَرُ حَظًّا لَهُمْ إذَا بَاعُوهُ مِمَّا إذَا كَانَ نِصْفُهُ رِقًّا لَهُمْ مَعَ بَعْضِ مَالِهِ لِأَنَّ قِيمَتَهُ إذَا كَانَ مَالُهُ مِائَةً أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ مَالُهُ خَمْسِينَ.
قَوْلُهُ: [وَهُمَا مَعَ مِائَةِ السَّيِّدِ ثَلَثُمِائَةٍ] : أَيْ وَالْجَمِيعُ يُقَالُ لَهُ مَالُ السَّيِّدِ.
قَوْلُهُ: [بِلَا مَالٍ] : أَيْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْعَبْدِ مَالٌ أَصْلًا وَإِنَّمَا قِيمَةُ ذَاتِهِ مِائَتَانِ.
قَوْلُهُ: [أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ] : أَيْ لِأَنَّ خُمُسَ الْمِائَةِ عِشْرُونَ فَالثَّمَانُونَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا.
تَنْبِيهٌ: إذَا ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِ الْمُدَبَّرِ وَكَانَ لِلسَّيِّدِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ مُوسِرٍ قُوِّمَ عَاجِلًا، فَإِذَا كَانَ عَيْنًا قُوِّمَ بِالْعُرُوضِ وَقُوِّمَتْ الْعُرُوض بِعَيْنٍ وَإِذَا كَانَ عَرْضًا قُوِّمَ بِعَيْنٍ فَإِذَا قُوِّمَ الدَّيْنُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَتَرَكَ السَّيِّدُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَتَقَ كُلُّهُ لِحَمْلِ الثُّلُثِ لَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ غَيْبَةٍ قَرِيبَةٍ كَالشَّهْرِ وَهُوَ حَالٌّ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ الْحُلُولِ، فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى بِالْعِتْقِ إلَى أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ الدَّيْنَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى غَائِبٍ غِيبَةٍ بَعِيدَةٍ أَوْ حَاضِرٍ مُعْسِرٍ فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ أَوْ مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ مِنْهُ فَإِذَا حَضَرَ الشَّخْصُ الْغَائِبُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْسِرُ بَعْدَ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِ السَّيِّدِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute