أَوْ انْفِعَالٌ (يُنْبِئُ عَنْ كَوْنِهِ الْمُنْعِمَ) عَلَى الْحَامِدِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ (اعْتِقَادًا أَوْ إقْرَارًا بِاللِّسَانِ أَوْ عَمَلًا بِالْجَوَارِحِ) .
(فَالْحَامِدُ أَعَمُّ) مِنْ الشَّاكِرِ وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيرِ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ فِيمَا حَقَّقَهُ عَلَى مُقَدِّمَةِ الْفَاضِلِ الصَّبَّانِ فَعَلَيْك بِهَا.
(فَأَهْلُ الشُّكْرِ صَفْوَةُ اللَّهِ تَعَالَى) اصْطَفَاهُمْ وَخَلَّصَهُمْ مِنْ كَدَرِ الْقَلْبِ وَيُقَالُ لَهُمْ: صُوفِيَّةٌ: مِنْ صَفَا يَصْفُو إذَا خَلَصَ، أَوْ مِنْ صُوفِيَ إذَا صَافَاهُ غَيْرُهُ، أَوْ نِسْبَةً لِلُبْسِ الصُّوفِ؛ لِأَنَّهُ شَأْنُهُمْ تَبَاعُدًا عَنْ التَّرَفُّهِ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُرْسِيُّ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عَلَى الْمَشْهُورِ] : رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ النِّعْمَةِ الَّتِي وَقَعَ الْحَمْدُ فِي مُقَابَلَتِهَا وَاصِلَةً لِخُصُوصِ، الْحَامِدِ، وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ مُنْبِئًا بِكَوْنِهِ مُنْعِمًا عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ، وَمُقَابِلُهُ يَخُصُّهَا بِالْحَامِدِ فَيَكُونُ عَلَى مُقَابِلِهِ مُرَادِفًا لِلشُّكْرِ اللُّغَوِيِّ.
قَوْلُهُ: [اعْتِقَادًا] : أَعْرَبَهُ الشَّارِحُ خَبَرًا لِكَانَ الْمَحْذُوفَةِ.
قَوْلُهُ: [فَالْحَامِدُ] : أَيْ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ.
وَقَوْلُهُ: [أَعَمُّ مِنْ الشَّاكِرِ] : أَيْ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ أَيْضًا. وَأَمَّا النِّسْبَةُ بَيْنَ الْحَمْدِ الِاصْطِلَاحِيِّ وَالشُّكْرِ اللُّغَوِيِّ فَإِمَّا التَّرَادُفُ أَوْ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ.
قَوْلُهُ: [عَلَى مُقَدِّمَةِ الْفَاضِلِ الصَّبَّانِ] : أَيْ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ.
قَوْلُهُ: [صَفْوَةُ اللَّهِ] : هُوَ مَصْدَرٌ لِصَفَا فَهُوَ عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ فِي زَيْدٍ عَدْلٌ.
قَوْلُهُ: [مِنْ صَفَا يَصْفُو إذَا خَلَصَ] : وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ مِنْ صُوفِيَ إذَا صَافَاهُ غَيْرُهُ] : أَيْ وَقَدْ أَفَادَ هَذَا الْمَعْنَى بَعْضُ الْعَارِفِينَ بِقَوْلِهِ:
صَافَى فَصُوفِيَ لِهَذَا سُمِّيَ الصُّوفِيُّ
قَوْلُهُ: [تَبَاعُدًا عَنْ التَّرَفُّهِ] : عِلَّةٌ لِكَوْنِهِ شَأْنَهُمْ فَهُوَ عِلَّةُ لِلْعِلَّةِ.
قَوْلُهُ: [قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ] هَكَذَا كُنْيَتُهُ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْأَنْصَارِيُّ وَالْمُرْسِي نِسْبَةٌ لِمُرْسِيَةَ قَرْيَةٍ بِالْأَنْدَلُسِ وُلِدَ بِهَا وَتُوُفِّيَ بِثَغْرِ إسْكَنْدَرِيَّةَ عَامَ سِتِّمِائَةٍ وَسَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ، وَهُوَ خَلِيفَةُ الْقُطْبِ الْكَبِيرِ أَبِي الْحَسَنِ الشَّاذِلِيِّ وَوَارِثُ حَالِهِ وَسَلَكَ