للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّوفِيُّ مُرَكَّبٌ مِنْ حُرُوفٍ أَرْبَعَةٍ فَالصَّادُ صَبْرُهُ وَصِدْقُهُ وَصَفَاؤُهُ وَالْوَاوُ وَجْدُهُ وَوُدُّهُ وَوَفَاؤُهُ وَالْفَاءُ فَقْدُهُ وَفَقْرُهُ وَفَنَاؤُهُ وَالْيَاءُ لِلنِّسْبَةِ إذَا تَكَمَّلَ نُسِبَ إلَى حَضْرَةِ مَوْلَاهُ، وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا يَكُونُ الصُّوفِيُّ صُوفِيًّا حَتَّى لَا يَكْتُبَ عَلَيْهِ كَاتِبُ الشِّمَالِ شَيْئًا عِشْرِينَ سَنَةً أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْهُ ذَنْبٌ، بَلْ كُلَّمَا أَذْنَبَ تَابَ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ: أَيْ أَنَّهُ لَا قَرَارَ لَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (مِنْ عِبَادِهِ وَهُمْ

ــ

[حاشية الصاوي]

بِصُحْبَتِهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ: التَّاجُ السَّكَنْدَرِيُّ، وَسَيِّدِي يَاقُوتُ الْعَرْشِيُّ، وَابْنُ النَّحَّاسِ النَّحْوِيُّ، وَالْبُوصَيْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

قَوْلُهُ: [فَالصَّادُ صَبْرُهُ] إلَخْ: هَذِهِ الْمَعَانِي إشَارِيَّةٌ وَالصَّبْرُ عِنْدَهُمْ حَبْسُ النَّفْسِ عَنْ رُؤْيَةِ الْغَيْرِ.

وَقَوْلُهُ: [وَصِدْقُهُ] : هُوَ التَّبَرِّي مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ.

وَقَوْلُهُ: [وَصَفَاؤُهُ] : أَيْ خُلُوصُ سَرِيرَتِهِ مِنْ الْكَدَرَاتِ الْبَشَرِيَّةِ.

قَوْلُهُ: [وَجْدُهُ] : الْوَجْدُ هُوَ تَلَهُّبُ الْقَلْبِ لِلِقَاءِ الْمَحْبُوبِ.

قَوْلُهُ: [وَوُدُّهُ] : أَيْ وَهُوَ الْحُبُّ وَعَلَامَتُهُ بَذْلُ النَّفْسِ فِيمَا يُرْضِي مَحْبُوبَهُ وَكَثْرَةُ لَهَجِهِ بِذِكْرِهِ.

قَوْلُهُ: [وَوَفَاؤُهُ] : أَيْ بِالْعَهْدِ الْمَأْخُوذِ يَوْمَ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: ١٧٢] بِقِيَامِهِ بِوَظَائِفِ الْعُبُودِيَّةِ.

قَوْلُهُ: [فَقْدُهُ] : الْفَقْدُ حَالَةٌ تَعْرِضُ لِلْعَبْدِ عِنْدَ غَلَبَةِ التَّوْحِيدِ عَلَى قَلْبِهِ فَيَفْنَى عَنْ رُؤْيَةِ الْأَحْوَالِ.

وَقَوْلُهُ: [وَفَقْرُهُ] : أَيْ خُلُوُّ قَلْبِهِ مِنْ رُؤْيَةِ الْكَوْنَيْنِ وَهُوَ الْوَصْفُ الذَّاتِيُّ لِلْعَبْدِ.

وَقَوْلُهُ: [وَفَنَاؤُهُ] : وَهُوَ عَدَمُ شُعُورِهِ بِشَيْءٍ سِوَى مَوْلَاهُ، وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ فَنَاءٌ فِي شُهُودِ الْأَفْعَالِ فَلَا يَرَى فِعْلًا إلَّا لِلَّهِ، وَفَنَاءٌ فِي شُهُودِ الصِّفَاتِ فَلَا يَرَى إلَّا صِفَاتِ اللَّهِ، وَفَنَاءٌ فِي شُهُودِ الذَّاتِ فَلَا يَرَى إلَّا ذَاتَ اللَّهِ، وَهَذَا الْأَخِيرُ يَكُونُ لِلْأَنْبِيَاءِ وَلِكِبَارِ الْأَوْلِيَاءِ.

قَوْلُهُ: [قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ] : أَيْ وَهِيَ سِتُّ سَاعَاتٍ يَقُولُ فِيهَا كَاتِبُ الْيَمِينِ لِكَاتِبِ الشِّمَالِ أَمْهِلْهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ.

قَوْلُهُ: [مِنْ عِبَادِهِ] : مُتَعَلِّقٌ بِصَفْوَةٍ أَيْ اصْطَفَاهُمْ وَخَلَّصَهُمْ اللَّهُ دُونَ سَائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>