للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَكُونُ وَاجِبًا لِإِنْقَاذِ نَفْسٍ مَعْصُومَةٍ أَوْ مَالٍ مَعْصُومٍ مِنْ ظَالِمٍ، حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّتَّائِيِّ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ النَّاصِرِ.

وَقِسْمٌ حَرَامٌ تُكَفِّرُهُ التَّوْبَةُ: كَالْإِخْبَارِ عَنْ شَيْءٍ بِغَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. وَمِنْ الْكَذِبِ الْحَرَامِ: الثَّنَاءُ عَلَى الْغَيْرِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَالْعُزُومَةُ عَلَى الْغَيْرِ بِاللِّسَانِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَعْزِمْ بِقَلْبِهِ، بَلْ قَالَ فَانْزِلْ عِنْدَنَا حَيَاءً لَعَلَّهُ يَمْتَنِعُ. أَوْ يَقْتَطِعُ بِهِ حَقَّ امْرِئٍ غَيْرَ حَرْبِيٍّ، فَتَجِبُ مِنْهُ التَّوْبَةُ وَرَدُّهُ أَوْ الْمُسَامَحَةُ.

وَيَكُونُ مَنْدُوبًا: كَإِخْبَارِ الْكُفَّارِ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ فِيهِمْ قُوَّةٌ.

وَيَكُونُ مَكْرُوهًا: كَالْكَذِبِ لِلزَّوْجَةِ.

وَقِيلَ: مُبَاحٌ، كَالْكَذِبِ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ مُتَشَاحِنِينَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (إلَّا لِضَرُورَةٍ) .

(وَ) يَحْرُمُ (هِجْرَانُ) الشَّخْصِ (الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ) بِأَيَّامِهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ» فَمَنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَهُوَ جُرْحَةٌ فِي شَهَادَتِهِ. وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ هِجْرَانَ الثَّلَاثِ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، بَلْ مَكْرُوهٌ وَلَمَّا كَانَ طَبْعُ الْإِنْسَانِ الْغَضَبَ وَسَّعَ لَهُ الشَّارِعُ فِي الثَّلَاثِ دُونَ الزَّائِدِ.

(إلَّا لِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ) فَلَا يَحْرُمُ وَلَيْسَ جُرْحَةً: كَهَجْرِ الشَّيْخِ وَالْوَالِدِ وَالزَّوْجِ عِنْدَ ارْتِكَابِ مَا لَا يَنْبَغِي. وَأَمَّا هَجْرُ ذِي بِدْعَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَوَاجِبٌ، كَأَهْلِ الِاعْتِزَالِ وَالْمَكْسِ وَالظُّلْمَةِ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ، وَأَمَّا صَاحِبُ بِدْعَةٍ مَكْرُوهَةٍ، كَتَطْوِيلِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَيَحْرُمُ هِجْرَانُ الشَّخْصِ الْمُسْلِمِ] : أَيْ لَا الْكَافِرِ فَلَا يَحْرُمُ هَجْرُهُ بَلْ هُوَ الْوَاجِبُ لِحُرْمَةِ مُوَالَاتِهِ.

قَوْلُهُ: [بَلْ مَكْرُوهٌ] : وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ بَلْ هُوَ جَائِزٌ.

قَوْلُهُ: [إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ] : أَيْ فَيُدَارِيهِمْ بِظَاهِرِهِ مَعَ هَجْرِهِمْ بِبَاطِنِهِ.

قَوْلُهُ: [وَأَمَّا صَاحِبُ بِدْعَةٍ مَكْرُوهَةٍ] : أَيْ فَالْبِدْعَةُ تَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ: الْوُجُوبُ كَتَدْوِينِ الْكُتُبِ، وَالنَّدْبُ كَإِحْدَاثِ الْمَدَارِسِ، وَالْكَرَاهَةُ كَتَطْوِيلِ الثِّيَابِ، وَالْإِبَاحَةُ كَاِتِّخَاذِ الْمَنَاخِلِ وَالتَّوَسُّعِ فِي الْمَأْكَلِ، وَالْحُرْمَةُ كَالْمُكُوسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>