الثِّيَابِ، فَقِيلَ: هَجْرُهُ مَنْدُوبٌ، وَقِيلَ: مُبَاحٌ.
(وَالسَّلَامُ يُخْرِجُ مِنْهُ) : أَيْ مِنْ الْهِجْرَانِ إنْ نَوَى بِهِ الْخُرُوجَ وَإِلَّا كَانَ نِفَاقًا، (وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُ كَلَامِهِ بَعْدَ ذَلِكَ) : أَيْ بَعْدَ السَّلَامِ الْمَنْوِيِّ بِهِ الْخُرُوجُ؛ لِأَنَّ فِي التَّرْكِ ظَنَّ سُوءٍ بِهِ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى الْهِجْرَانِ، فَإِنْ تَرَكَ كَلَامَهُ بَعْدَ السَّلَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَهَجْرٌ جَدِيدٌ لَا يَحْرُمُ إلَّا إنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَإِنْ سَلَّمَ نَاوِيًا الْخُرُوجَ خَرَجَ وَهَكَذَا تَأَمَّلْ.
(وَ) يَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ يُكْرَهُ (أَكْلُ كَثُومٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَبِالْفَاءِ كَمَا فِي الْقُرْآنِ. أَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَبَصَلٍ نَيْءٍ غَيْرِ مَطْبُوخٍ أَوْ لَمْ تَذْهَبْ رَائِحَتُهُ بِخَلٍّ وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُ (فِي مَسْجِدٍ) كَانَ مَسْجِدَ خُطْبَةٍ أَمْ لَا (أَوْ دُخُولِهِ، لِأَكْلِهِ) فَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ (وَ) يَحْرُمُ (حُضُورُهُ) : أَيْ آكِلِ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ الْفُجْلُ حَيْثُ كَانَ يَتَجَشَّأُ مِنْهُ (مَجَامِعَ الْمُسْلِمِينَ) : كَمُصَلَّى عِيدٍ، وَحِلَقِ ذِكْرٍ وَعِلْمٍ وَوَلِيمَةٍ وَمِثْلُ أَكْلِ ذَلِكَ مَنْ بِهِ جُرْحٌ لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ أَوْ فِيهِ صُنَانٌ اُحْتُرِزَ بِالْمَسْجِدِ عَنْ السُّوقِ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ (وَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ (أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ) الْمُؤْمِنِ (مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) مِنْ الطَّاعَةِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ كَالْمَلَابِسِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ سَلَّمَ نَاوِيًا الْخُرُوجَ خَرَجَ] : مَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَزِيدُ مَوَدَّةٍ وَاجْتِمَاعٍ عَلَى خَيْرٍ وَإِلَّا فَلَا يَكْفِي فِي الْخُرُوجِ السَّلَامُ وَحْدَهُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعَوْدَةِ لِلْحَالَةِ الْأُولَى.
قَوْلُهُ: [وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّاجِحِ] : أَيْ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا لِيُؤْذِيَنَا بِرِيحِ الثُّومِ» .
قَوْلُهُ: [فَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دُخُولُ الْمَسْجِدِ] : أَيْ مَا دَامَتْ الرَّائِحَةُ بَاقِيَةً، فَإِنْ أَزَالَهَا بِشَيْءٍ أَوْ زَالَتْ مِنْ نَفْسِهَا فَلَا مَنْعَ.
قَوْلُهُ: [أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ] : اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَكُونَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَنَفْسِهِ أَفَادَهُ التَّتَّائِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ.
قَوْلُهُ: [الْمُؤْمِنِ] : اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْكَافِرِ فَلَا يُحِبُّ لَهُ شَيْئًا مَا دَامَ كَافِرًا وَإِلَّا فَمِنْ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لَهُ الْإِسْلَامَ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَا يَتَمَنَّاهُ لِنَفْسِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute