للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) يُنْدَبُ (تَخْلِيلُ مَا بِالْأَسْنَانِ مِمَّا تَعَلَّقَ بِهَا) مِنْ بَقَايَا الطَّعَامِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَقُّوا أَفْوَاهَكُمْ بِالْخِلَالِ فَإِنَّهَا مَجَالِسُ الْمَلَائِكَةِ وَلَيْسَ أَضَرُّ عَلَى الْمَلَائِكَةِ مِنْ بَقَايَا مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ» . وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ بَلْعُ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ إلَّا لِخَلْطِهِ بِدَمٍ فَلَيْسَ مُجَرَّدُ التَّغَيُّرِ يُصَيِّرُهُ نَجِسًا خِلَافًا لِمَا قِيلَ.

(وَ) يُنْدَبُ (تَنْظِيفُ الْفَمِ) بِالْمَضْمَضَةِ وَالسِّوَاكِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ عِنْدَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ.

(وَ) يُطْلَبُ (تَخْفِيفُ الْمَعِدَةِ) بِتَقْلِيلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [خِلَافًا لِمَا قِيلَ] : أَيْ فَإِنَّهُ قَوْلٌ حَكَاهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ بِقَوْلِهِ وَتَغَيَّرَ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ لَا يَجُوزُ بَلْعُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ نَجِسًا وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي نَجَاسَتِهِ فَادَّعَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ: نَجَاسَةُ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ تَغَيُّرِهِ بَلْ لِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مِنْ مُخَالَطَتِهِ لِشَيْءٍ مِنْ دَمِ اللِّثَاتِ.

قَوْلُهُ: [وَيُنْدَبُ تَنْظِيفُ الْفَمِ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الطَّعَامِ دَسَمٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ «لَيْسَ أَضَرُّ عَلَى الْمَلَائِكَةِ مِنْ بَقَايَا مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ» وَقَوْلُهُ وَيُطْلَبُ تَخْفِيفُ الْمَعِدَةِ إلَخْ قَالَ فِي الرِّسَالَةُ: وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ تَجْعَلَ بَطْنَك ثُلُثًا لِلطَّعَامِ وَثُلُثًا لِلشَّرَابِ وَثُلُثًا لِلنَّفَسِ، قَالَ شَارِحُهَا لِاعْتِدَالِ الْجَسَدِ وَخِفَّتِهِ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الشِّبَعِ ثِقَلُ الْبَدَنِ وَهُوَ يُورِثُ الْكَسَلَ عَنْ الْعِبَادَةِ، وَلِأَنَّهُ إذَا أَكْثَرَ مِنْ الْأَكْلِ لَمَا بَقِيَ لِلنَّفَسِ مَوْضِعٌ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يُضَرُّ بِهِ وَلَمَا وَرَدَ: «الْمَعِدَةُ بَيْتُ الدَّاءِ وَالْحِمْيَةُ رَأْسُ الدَّوَاءِ أَيْ: وَأَصْلُ كُلِّ دَاءٍ الْبَرَدَةُ» وَالْحِمْيَةُ خُلُوُّ الْبَطْنِ مِنْ الطَّعَامِ، وَالْبَرَدَةُ إدْخَالُ الطَّعَامِ عَلَى الطَّعَامِ.

قَالَ سَهْلٌ التُّسْتَرِيُّ: الْخَسِيرُ كُلُّهُ فِي خِصَالٍ أَرْبَعٍ بِهَا صَارَتْ الْأَبْدَالُ أَبْدَالًا: إخْمَاصُ الْبُطُونِ، وَالْعُزْلَةُ عَنْ الْخَلْقِ، وَالصَّمْتُ، وَسَهَرُ اللَّيْلِ. وَقَالَ الْعَارِفُونَ أَيْضًا: الشِّبَعُ مِنْ الْحَلَالِ يُقْسِي الْقَلْبَ وَيُقِلُّ الْحِفْظَ وَيُفْسِدُ الْعَقْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>