عَلَى قَدْرٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ وَلَا كَسَلٌ عَنْ عِبَادَةٍ، فَقَدْ يَكُونُ الشِّبَعُ سَبَبًا فِي عِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ فَيَجِبُ، وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَرْكُ وَاجِبٍ فَيَحْرُمُ، أَوْ تَرْكُ مُسْتَحَبٍّ فَيُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَيُبَاحُ. (وَ) يُنْدَبُ لَك (الْأَكْلُ مِمَّا يَلِيك) إنْ أَكَلْت مَعَ غَيْرِك مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَزَوْجَةٍ وَرَقِيقٍ إذْ لَا يُطْلَبُ بِالْأَدَبِ مَعَهُمْ وَهُمْ يُطْلَبُونَ. وَقَدْ «أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَكَلَ مَعَهُ مِنْ نَوَاحِي الصَّحْفَةِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ: كُلْ مِمَّا يَلِيك» فَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ مَا يَلِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ لِلشَّرَهِ. «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعِكْرَاشٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ أَكَلَ مَعَهُ ثَرِيدًا: كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ. ثُمَّ أُتِيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنْ الرُّطَبِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْت فَإِنَّهُ غَيْرُ لَوْنٍ وَاحِدٍ» .
فَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَإِلَّا فِي نَحْوِ فَاكِهَةٍ) : أَيْ مِمَّا هُوَ أَنْوَاعٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَنَحْوِهَا كَالْأَطْعِمَةِ الْمُخْتَلِفَةِ. (وَ) يُنْدَبُ (أَنْ لَا يَأْخُذَ لُقْمَةً إلَّا بَعْدَ بَلْعِ مَا فِي فِيهِ) فَأَخْذُهَا قَبْلَ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ يُنْسَبُ لِلشَّرَهِ. (وَ) يُنْدَبُ أَنْ يَأْخُذَهَا (بِمَا عَدَا الْخِنْصَرِ) إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِلْخِنْصَرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْأَكْلُ بِالْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْأَكْلُ بِأُصْبُعٍ أَكْلُ الشَّيْطَانِ وَبِأُصْبُعَيْنِ أَكْلُ الْجَبَابِرَةِ وَبِالثَّلَاثِ أَكْلُ الْأَنْبِيَاءِ» فَلَا يَزِيدُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِغَيْرِهَا. وَقَدْ أَكَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالثَّلَاثَةِ وَبِالْأَرْبَعَةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَيُكْثِرُ الشَّهَوَاتِ وَيُقَوِّي جُنُودَ الشَّيْطَانِ وَيُفْسِدُ الْجَسَدَ فَمَا بَالُك بِالْحَرَامِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى قَدْرٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ] : أَيْ لِأَنَّ الْمَخْمَصَةَ قَدْ تَكُونُ شَرًّا مِنْ الشِّبَعِ قَالَ صَاحِبُ الْبُرْدَةِ:
وَاخْشَ الدَّسَائِسَ مِنْ جُوعٍ وَمِنْ شِبَعٍ ... فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ مِنْ التَّخَمِ
قَوْلُهُ: [مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَزَوْجَةٍ وَرَقِيقٍ] : أَيْ وَالْجَمِيعُ لَك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute