للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: ٤٣] : أَيْ الْكَافِرِينَ أَصْحَابُ الْعَذَابِ الْمُؤَبَّدِ. وَمَنْ أَسْرَفَ بِالذَّنْبِ مَعَ الْإِيمَانِ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَلَا يُؤَبَّدُ، نَعُوذُ بِاَللَّهِ وَنَتَوَسَّلُ بِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجِيرَنَا مِنْ النَّارِ. (فَيَنْبَغِي) مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ (لِلْعَاقِلِ) الْمُتَّصِفِ بِالْعَقْلِ نُورٌ إلَى آخِرِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ (أَنْ يَتَجَافَى عَنْ دَارِ الْغُرُورِ) يَتَبَاعَدُ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِمَّا هُوَ زِينَةٌ ظَاهِرِيَّةٌ وَنِقْمَةٌ بَاطِنِيَّةٌ مِمَّا يُخَالِفُ الشَّرْعَ فَلَا يَعْتَنِي بِجَمْعِهَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ وَمَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ» فَيَلْزَمُ تَرْكُ مَا يُشْغِلُ مِنْهَا وَالْغُرُورُ مَا يَغُرُّ ثُمَّ يَزُولُ وَقِيلَ الْبَاطِلُ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: ١٨٥] أَيْ لَذَّاتُهَا وَزَخَارِفُهَا شَيْءٌ يَتَمَتَّعُ بِهِ الْمَغْرُورُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَغْرُورَ مَغْبُونٌ كَمَنْ دَلَّسَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ حَتَّى غَرَّهُ فِي شِرَاءِ مَعِيبٍ وَهَذَا إنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا لِلْآخِرَةِ وَإِلَّا فَهِيَ مَمْدُوحَةٌ (بِتَرْكِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَلَا يُؤَبَّدُ] : أَيْ لَا يَخْلُدُ فِيهَا قَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ:

وَجَائِزٌ تَعْذِيبُ بَعْضٍ ارْتَكَبَ ... كَبِيرَةً ثُمَّ الْخُلُودُ مُجْتَنَبْ

قَوْلُهُ: [مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ] : أَيْ فَالْوُجُوبُ فِي التَّجَافِي عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَالنَّدْبُ فِي التَّجَافِي عَنْ الْمَكْرُوهَاتِ وَخِلَافُ الْأُولَى.

قَوْلُهُ: [إلَى آخِرِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ] : أَيْ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي الْقَلْبِ، وَلَهُ شُعَاعٌ مُتَّصِلٌ بِالدِّمَاغِ تُدْرِكُ بِهِ النَّفْسُ الْعُلُومَ الضَّرُورِيَّةَ وَالنَّظَرِيَّةَ هَذَا هُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ.

قَوْلُهُ: [مَنْ لَا دَارَ لَهُ] : أَيْ فِي الْآخِرَةِ.

قَوْلُهُ: [مَنْ لَا مَالَ لَهُ] : أَيْ فِي الْآخِرَةِ.

وَقَوْلُهُ: [مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ] : أَيْ كَامِلًا.

قَوْلُهُ: [فَيَلْزَمُ تَرْكُ مَا يُشْغِلُ مِنْهَا] : أَيْ يَجِبُ تَرْكُ كُلِّ مُشْغِلٍ عَنْ اللَّهِ حَيْثُ كَانَ فِي الشُّغْلِ بِهِ ضَيَاعُ الْوَاجِبَاتِ وَالْوُقُوعُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ.

قَوْلُهُ: [كَمَنْ دَلَّسَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ] إلَخْ: قَالَ فِي بُرْدَةِ الْمَدِيحِ فِي هَذَا الْمَعْنَى:

وَيَا خَسَارَةَ نَفْسٍ فِي تِجَارَتِهَا ... لَمْ تَشْتَرِ الدِّينَ بِالدُّنْيَا وَلَمْ تُسِمْ

وَمَنْ يَبِعْ عَاجِلًا مِنْهُ بِآجِلِهِ ... يَبِنْ لَهُ الْغَبْنُ فِي بَيْعٍ وَفِي سَلَمِ

قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَهِيَ مَمْدُوحَةٌ] : أَيْ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «نِعْمَ الْمَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>