للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّهَوَاتِ) الْمُحَرَّمَةِ وَالْمَكْرُوهَةِ بَلْ وَالْمُبَاحَةِ بِحَيْثُ يَصْرِفُهَا بِالنِّيَّةِ الْحَسَنَةِ لِلطَّاعَةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ» . وَقَدْ وَرَدَ: «أَنَّهُ قُدِّمَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوِيقُ اللَّوْزِ فَرَدَّهُ وَقَالَ: هَذَا طَعَامُ الْمُتَرَفِّهِينَ فِي الدُّنْيَا» وَقَدْ أَوْحَى اللَّهُ إلَى دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: حَرَامٌ عَلَى قَلْبٍ أَحَبَّ الشَّهَوَاتِ أَنْ أَجْعَلَهُ إمَامًا لِلْمُتَّقِينَ. وَقَالَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: إنْ أَرَدْت اللُّحُوقَ بِصَاحِبَيْك فَرَقِّعْ قَمِيصَك وَاخْصَفْ نَعْلَك وَقَصِّرْ أَمَلَكَ وَكُلْ دُونَ الشِّبَعِ. فَخَطَبَ لِلنَّاسِ وَعَلَيْهِ إزَارٌ فِيهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ رُقْعَةً وَقَدَّمَتْ إلَيْهِ حَفْصَةُ مَرَقًا بَارِدًا وَصَبَّتْ عَلَيْهِ زَيْتًا فَقَالَ: إدَامَانِ فِي إنَاءٍ؟ لَا آكُلُهُ حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ (وَالْفُتُورُ) بِالْفَاءِ وَالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ: الْكَسَلُ عَمَّا هُوَ مَطْلُوبٌ شَرْعًا وَقَدْ تَعَوَّذَ مِنْ ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ دَفْعِ الْفَقْرِ

ــ

[حاشية الصاوي]

الصَّالِحُ فِي يَدِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ» .

قَوْلُهُ: [حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ] إلَخْ: مِثَالٌ وَكِنَايَةٌ كَأَنَّ الْجَنَّةَ لَمَّا كَانَتْ لَا تُنَالُ إلَّا بِالْخُرُوجِ عَنْ الشَّهَوَاتِ فِي مِرَاضِي الرَّبِّ، مُثِّلَتْ بِمَدِينَةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ التُّحَفِ لَكِنْ حَوْلَهَا آفَاتٌ وَعَقَبَاتٌ فَلَا يَصِلُ إلَيْهَا إلَّا مَنْ تَحَمَّلَ الْمَكَارِهَ، وَلَمَّا كَانَ تَتَبُّعُ الشَّهَوَاتِ مَدْخَلًا لِلنَّارِ مُثِّلَتْ النَّارُ بِمَدِينَةٍ احْتَوَتْ عَلَى جَمِيعِ الْمَكَارِهِ وَحَوْلَهَا زَخَارِفُ وَبَسَاتِينُ فَتَدَبَّرْ قَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى} [النازعات: ٣٧] {وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النازعات: ٣٨] {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: ٣٩] {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات: ٤٠] {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: ٤١] .

قَوْلُهُ: [وَقَالَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ] إلَخْ: أَيْ عَلَى عَادَةِ وَعْظِ الْعُلَمَاءِ لِلْأُمَرَاءِ.

قَوْلُهُ: [بِصَاحِبَيْك] : يَعْنِي بِهِمَا النَّبِيَّ الْمُصْطَفَى وَأَبَا بَكْرٍ.

قَوْلُهُ: [فَخَطَبَ لِلنَّاسِ] : أَيْ وَهُوَ أَمِيرُهُمْ حِينَئِذٍ وَكَانَ بَعْضُهَا مِنْ آدَمَ كَمَا فِي السِّيَرِ.

قَوْلُهُ: [وَقَدَّمَتْ إلَيْهِ حَفْصَةُ] : أَيْ بِنْتُهُ وَهِيَ إحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ -.

قَوْلُهُ: [فِي حَدِيثِ دَفْعِ الْفَقْرِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>