للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَبْغُضُ ذَاكِرَهُ إلَّا لَئِيمٌ شَقِيٌّ وَكَيْفَ يَكْرَهُ مَنْ فِي قَلْبِهِ إيمَانٌ ذِكْرَ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَالْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْقَوْلِ السَّدِيدِ. وَالْقَوْلِ الصَّوَابِ وَكَلِمَةِ التَّقْوَى وَدَعْوَةِ الْحَقِّ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْحَسَنَةِ وَالْإِحْسَانِ كَمَا فُسِّرَتْ بِهِ الْآيَاتُ قَالَ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: ٢٤] الْآيَةَ، عَلَى أَنَّ الشَّجَرَةَ الطَّيِّبَةَ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ. وَكَلِمَةُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تُؤْتِي أَسْرَارًا وَأَنْوَارًا وَبَرَكَةً كُلَّ لَحْظَةٍ يُدْرِكُ ذَلِكَ أَهْلُهَا، اللَّهُمَّ أَلْحِقْنَا بِهِمْ وَامْلَأْ قُلُوبَنَا مِنْ حُبِّهِمْ.

(فَعَلَى الْعَاقِلِ) : الْمُتَّصِفِ بِالْعَقْلِ الرَّاجِحِ (الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِهَا) بِدُونِ حَدٍّ (حَتَّى تَمْتَزِجَ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ) : هَذَا مَعْنًى يُدْرِكُهُ أَرْبَابُهُ مِنْ كَثْرَةِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَلَا يَبْغُضُ ذَاكِرَهُ] : أَيْ ذَاكِرُ الْمُنْعِمِ عَلَيْك الرَّءُوفِ.

قَوْلُهُ: [كَمَا فُسِّرَتْ بِهِ الْآيَاتُ] : أَيْ آيَةُ: {مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً} [إبراهيم: ٢٤] وَآيَةُ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠] وَآيَةُ: {وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠] وَآيَةُ: {وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: ٣٨] ، وَآيَةُ: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: ٢٦] وَآيَةُ: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [الرعد: ١٤] وَآيَةُ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} [النمل: ٨٩] وَآيَةُ: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ} [الرحمن: ٦٠] .

قَوْلُهُ: [فَعَلَى الْعَاقِلِ] : أَيْ يَلْزَمُهُ شَرْعًا وَعَقْلًا وَطَبْعًا كَمَا قَالَ الْعَارِفُ:

ثَنَائِي عَلَيْك يَا مَلِيحَةُ وَاجِبٌ ... وَحُبِّي لَك فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أَجْزَائِي

قَوْلُهُ: [حَتَّى تَمْتَزِجَ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ] : أَيْ يَمْتَزِجُ حُبُّ مَدْلُولِهَا الْمَقْصُودِ وَهُوَ مَا بَعْدَ إلَّا فَيَسْرِي فِي الْبَدَنِ كَسَرَيَانِ الْمَاءِ فِي الْعُودِ الْأَخْضَرِ كَمَا أَفَادَ هَذَا فِي الْحَدِيثِ: «كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا» ، وَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ هِيَ الْمُدَاوَمَةُ الَّتِي قَالَ فِيهَا ابْنُ الْفَارِضِ:

شَرِبْنَا عَلَى ذِكْرِ الْحَبِيبِ مُدَامَةً ... سَكِرْنَا بِهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْلَقَ الْكَرْمُ

إلَى آخِرِ مَا قَالَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>