للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِرْقَتِهِمْ لِانْتِقَالِهِ مِنْ التَّلْوِينِ إلَى التَّمْكِينِ، وَصَاحِبُهَا سَكْرَانُ هَبَّتْ عَلَيْهِ نَسَمَاتُ الْوِصَالِ يُخَاطِبُ النَّاسَ وَهُوَ عَنْهُمْ فِي بَوْنٍ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِهِ بِالْحَقِّ تَعَالَى، يُنَاسِبُهُ الْإِكْثَارُ مِنْ اسْمِهِ تَعَالَى الرَّابِعِ فِي التَّلْقِينِ. يَعْنِي: حَقٌّ، وَإِنَّ الْأَمَّارَةَ ذَاتَ الْحُجُبِ الظُّلْمَانِيَّةِ الَّتِي مَقَامُهَا مَقَامُ الْأَغْيَارِ يُوَافِقُهَا فِي تَمْزِيقِ حُجُبِهَا الْإِكْثَارُ مِنْ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " وَأَنَّ اللَّوَّامَةَ: الْكَثِيرَةَ اللَّوْمِ لِصَاحِبِهَا - الَّتِي مَقَامُهَا مَقَامُ الْحُجُبِ النُّورَانِيَّةِ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ كَثِيفَةً وَهِيَ تَوَّابَةٌ - يُنَاسِبُهَا

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [لِانْتِقَالِهِ مِنْ التَّلْوِينِ إلَى التَّمْكِينِ] : عِلَّةٌ لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَالتَّمْكِينُ هُوَ الطُّمَأْنِينَةُ وَالرُّسُوخُ فِي الْأَخْلَاقِ الْمَرْضِيَّةِ، وَالتَّلْوِينُ هُوَ عَدَمُ ذَلِكَ وَسُمِّيَ تَلْوِينًا لِكَثْرَةِ تَغَيُّرَاتِهِ.

قَوْلُهُ: [يُنَاسِبُهُ] إلَخْ: قَالَ الشَّيْخُ فِي التُّحْفَةِ وَهَذَا الْمَقَامُ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ عَادَةً لِغَيْرِ السَّالِكِينَ وَلَوْ أَتَى بِعِبَادَةِ الثَّقَلَيْنِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ السَّالِكِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودِ الشَّهَوَاتِ وَالشِّرْكُ الْخَفِيُّ لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا إلَّا بِأَنْفَاسِ الْمَشَايِخِ الْعَارِفِينَ مَعَ الْمُجَاهَدَةِ وَالْتِزَامِ الْآدَابِ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَغَيْرُ هَذَا لَا يَصِحُّ (اهـ) فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي مَبْدَأِ الْكَمَالِ فَمَا بَالُك بِصَاحِبِ النَّفْسِ الرَّاضِيَةِ وَالْمَرْضِيَّةِ وَالْكَامِلَةِ، فَتَعَذُّرُ الْوُصُولِ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ الْمَشَايِخِ أَوْلَوِيٌّ فَلِذَلِكَ قُلْنَا التَّكَلُّمُ فِي تِلْكَ الْمَقَامَاتِ لَا يُنَاسِبُ هَذَا الْمَقَامَ.

قَوْلُهُ: [فِي التَّلْقِينِ يَعْنِي حَقٌّ] : هَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ التُّحْفَةِ.

قَوْلُهُ: [ذَاتَ الْحُجُبِ الظُّلْمَانِيَّةِ] : أَيْ الشَّهَوَاتُ الْمُحَرَّمَةُ الْمَكْرُوهَةُ.

قَوْلُهُ: [مَقَامُ الْأَغْيَارِ] : أَيْ إنَّ صَاحِبَهَا مُنْهَكٌ فِي شُغْلِهِ بِغَيْرِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: [الْإِكْثَارُ مِنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ] : أَيْ حَتَّى تَمْتَزِجَ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ مَعَ الْخُرُوجِ عَنْ كُلِّ هَوًى كَمَا قَالَ الْعَارِفُ الْبَكْرِيُّ:

وَاخْرُجْ عَنْ كُلِّ هَوًى أَبَدًا

فَالْإِكْثَارُ مِنْهَا يُورِثُ التَّوْبَةَ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُلُهُ مِنْهَا إلَى اللَّوَّامَةِ وَلِذَلِكَ كَانَ الْجُنَيْدُ إذَا جَاءَهُ الْعُصَاةُ يَأْخُذُونَ عَنْهُ الطَّرِيقَ لَا يَقُولُ لَهُمْ تُوبُوا بَلْ يَأْمُرُهُمْ بِالْإِكْثَارِ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: [مَقَامُ الْحُجُبِ النُّورَانِيَّةِ] : أَيْ وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ حُبِّهَا الطَّاعَاتِ لِأَغْرَاضٍ تَعُودُ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ كَانَتْ حُجُبًا وَلَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي الْمَعْصِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>