فِي التُّحْفَةِ فِي مُنَاسَبَةِ اخْتِيَارِ اسْتِعْمَالِ الْأَسْمَاءِ السَّبْعَةِ: النَّفْسَ سَبْعَةَ أَقْسَامٍ، وَأَنَّ صَاحِبَ النَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ - الَّتِي مَقَامُهَا مَبْدَأُ الْكَمَالِ - مَتَى وَضَعَ السَّالِكُ قَدَمَهُ فِيهِ عُدَّ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقِ وَاسْتَحَقَّ لُبْسَ
ــ
[حاشية الصاوي]
الْكَلَامِ هُنَا كَمَنْ يَبِيعُ الْجَوَاهِرَ فِي سُوقِ الصَّدَفِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْرَحَ الْآيَةَ بِكَلَامِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَجَعَلَ الشَّيْخُ النَّفْسَ سَبْعَةً لَيْسَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ، بَلْ هُوَ تَقْسِيمُ أَهْلِ الطَّرِيقِ قَدِيمًا أَخْذًا مِنْ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ يُؤْخَذُ مِنْهَا الْمُطْمَئِنَّةُ وَالرَّاضِيَةُ وَالْمَرْضِيَّةُ وَالْكَامِلَةُ وَالْمُلْهَمَةُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٨] وَاللَّوَّامَةُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: ٢] وَالْأَمَّارَةُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: ٥٣] كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ كِتَابِ السِّيَرِ وَالسُّلُوكِ.
قَوْلُهُ: [فِي التُّحْفَةِ] : مُتَعَلِّقٌ بِجَعَلَ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ وَهِيَ اسْمُ كِتَابٍ لَهُ فِي التَّصَوُّفِ. وَقَوْلُهُ: [فِي مُنَاسَبَةِ] : مُتَعَلِّقٌ أَيْضًا بِجَعَلَ وَفِيهِ تَعَلُّقٌ حَرْفِيٌّ جَرَّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَعِيبٌ.
قَوْلُهُ [عُدَّ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقِ] : أَيْ وَهِيَ الْوُقُوفُ مَعَ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. قَوْلُهُ: [وَاسْتَحَقَّ لُبْسَ خِرْقَتِهِمْ] : أَيْ بِحَسْبِ مَا يَرَاهُ الشَّيْخُ الْعَارِفُ مِنْ حَالِهِ، ثُمَّ هِيَ إمَّا حُجَّةٌ لَهُ إنْ كَانَ عَلَى قَدَمِهِمْ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَإِلَّا فَهِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ.
قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ خِرْقَةُ الْقَوْمِ لِأَهْلِهَا نُورٌ وَزِينَةٌ وَلِغَيْرِهِمْ سَمَاجَةٌ وَظُلْمَةٌ، وَرُبَّمَا دَخَلَ فِي وَعِيدِ قَوْله تَعَالَى: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: ١٨٨] .
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الْعَارِفِينَ:
فَتَشَبَّهُوا إنْ لَمْ تَكُونُوا مِثْلَهُمْ ... إنَّ التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ فَلَاحُ
فَإِنَّ الْمُرَادَ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ فِي الْعَمَلِ وَمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute