الْمَاءِ فَتَغَيَّرَ رِيحُ الْمَاءِ مِنْهَا، أَوْ بُخِّرَتْ الْآنِيَةُ بِبَخُورٍ وَصُبَّ فِيهَا الْمَاءُ بَعْدَ ذَهَابِ الدُّخَانِ، أَوْ وُضِعَ رَيْحَانٌ فَوْقَ شُبَّاكِ قُلَّةٍ بِحَيْثُ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ فَتَكَيَّفَ الْمَاءُ بِرِيحِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ. بِخِلَافِ مَا لَوْ صُبَّ الْمَاءُ قَبْلَ ذَهَابِ دُخَانِ الْبَخُورِ أَوْ وَصَلَ الرَّيْحَانُ لِلْمَاءِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ.
(لَا إنْ تَغَيَّرَ بِمَقَرٍّ أَوْ مَمَرٍّ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ؛ كَمَغْرَةٍ وَمِلْحٍ، أَوْ بِمَا طُرِحَ مِنْهَا وَلَوْ قَصْدًا) : هَذَا مَعْطُوفٌ بِلَا النَّافِيَةِ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ مَا (لَمْ يَتَغَيَّرْ) إلَخْ. كَأَنَّهُ قِيلَ: فَإِنْ تَغَيَّرَ بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا ضَرَّ تَغَيُّرُهُ، لَا إنْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِمَقَرِّ الْمَاءِ أَوْ تَغَيَّرَ بِمَمَرِّهِ أَيْ بِمَا مَرَّ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ الْمُغَيِّرِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، كَالْمَغْرَةِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمِلْحِ وَالْكِبْرِيتِ وَالتُّرَابِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ. وَكَذَا لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِمَا طُرِحَ فِيهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَالْمِلْحِ أَوْ الطَّفْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْ قَصْدًا. وَقَوْلُ الشَّيْخِ وَالْأَرْجَحُ: السَّلْبُ بِالْمِلْحِ ضَعِيفٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَتَغَيَّرَ رِيحُ الْمَاءِ مِنْهَا] : بَلْ وَلَوْ فُرِضَ تَغَيُّرُ الثَّلَاثَةِ لَا يَضُرُّ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الرِّيحِ لِكَوْنِهِ الشَّأْنَ.
قَوْلُهُ: [وَصُبَّ فِيهَا الْمَاءُ] إلَخْ: مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي هَذَا الْمِثَالِ مِثْلُهُ فِي الْحَاشِيَةِ تَبَعًا لِلْأُجْهُورِيِّ، وَبَحَثَ فِيهِ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ بِقَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِنَاءَ اكْتَسَبَ الرِّيحَ وَهُوَ مُلَاصِقٌ.
قَوْلُهُ: [قَبْلَ ذَهَابِ دُخَانِ] إلَخْ: أَيْ وَلَوْ بِكِبْرِيتٍ وَنَحْوِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَمَا قَالَ عب وَاعْتَمَدَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [لَا إنْ تَغَيَّرَ بِمَقَرٍّ] : أَيْ قَرَارٍ أَقَامَ عَلَيْهِ الْمَاءَ. وَقَوْلُهُ: أَوْ [مَمَرٍّ] : أَيْ مَوْضِعٍ مَرَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَمِثْلُ ذَلِكَ أَوَانِي الْفَخَّارِ الْمَحْرُوقِ وَالنُّحَاسِ إذَا سُخِّنَ الْمَاءُ فِيهَا وَتَغَيَّرَ.
قَوْلُهُ: [وَقَوْلُ الشَّيْخِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْمِلْحِ الْمَطْرُوحِ قَصْدًا.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: لَا يُنْقَلُ حُكْمُ الْمَاءِ كَالتُّرَابِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: إنَّهُ كَالطَّعَامِ فَيَنْقُلُهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَالْأَرْجَحُ إلَخْ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: الْمَعْدِنِيُّ كَالتُّرَابِ وَالْمَصْنُوعُ كَالطَّعَامِ. فَهَذِهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ لِلْمُتَأَخِّرِينَ. ثُمَّ اخْتَلَفَ مَنْ بَعْدَهُمْ: هَلْ تَرْجِعُ هَذِهِ الطُّرُقُ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ؟ فَيَكُونُ مَنْ جَعَلَهُ كَالتُّرَابِ أَرَادَ الْمَعْدِنِيَّ وَمَنْ جَعَلَهُ كَالطَّعَامِ أَرَادَ الْمَصْنُوعَ؟ وَحِينَئِذٍ، فَقَدْ اتَّفَقَتْ الطُّرُقُ عَلَى أَنَّ الْمَصْنُوعَ يَضُرُّ، وَهَذَا هُوَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ مِنْ التَّرَدُّدِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute