للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ بِمُتَوَلَّدٍ مِنْهُ أَوْ بِطُولِ مُكْثٍ) : لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِشَيْءٍ تَوَلَّدَ مِنْهُ، كَالسَّمَكِ وَالدُّودِ وَالطُّحْلُبِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا، وَكَذَا إذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِطُولِ مُكْثِهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أُلْقِيَ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ.

(أَوْ بِدَابِغٍ طَاهِرٍ كَقَطِرَانٍ، أَوْ بِمَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ؛ كَتِبْنٍ أَوْ وَرَقِ شَجَرٍ) : يَعْنِي أَنَّ الْجُلُودَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِحَمْلِ الْمَاءِ كَالْقِرَبِ وَالدِّلَاءِ الَّتِي يُسْتَقَى بِهَا، إذَا دُبِغَتْ بِدَابِغٍ طَاهِرٍ كَالْقَطِرَانِ وَالشَّبِّ وَالْقَرَظِ، ثُمَّ وُضِعَ فِيهَا الْمَاءُ لِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَتَغَيَّرَ مِنْ أَثَرِ ذَلِكَ الدَّابِغِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُتَغَيِّرِ بِقَرَارِهِ. وَكَذَا إذَا تَغَيَّرَ بِمَا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، كَالتِّبْنِ وَوَرَقِ الشَّجَرِ الَّذِي يَتَسَاقَطُ فِي الْآبَارِ وَالْبِرَكِ مِنْ الرِّيحِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْآبَارُ أَوْ الْغُدْرَانُ فِي الْبَادِيَةِ أَوْ الْحَاضِرَةِ؛ إذْ الْمَدَارُ عَلَى عُسْرِ الِاحْتِرَازِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

وَهُوَ قَوْلُهُ: [وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ صَنَعَ تَرَدُّدٌ] . وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ، فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: [وَلَوْ قَصْدًا] . وَتَرْجِعُ هَذِهِ الطُّرُقُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مُتَبَايِنَةٍ: فَمَنْ قَالَ: لَا يَضُرُّ، مُرَادُهُ: وَلَوْ مَصْنُوعًا، وَمَنْ قَالَ: يَضُرُّ، مُرَادُهُ: وَلَوْ مَعْدِنِيًّا. فَالْمَصْنُوعُ فِيهِ خِلَافٌ كَغَيْرِهِ. وَهَذَا هُوَ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ التَّرَدُّدِ، وَهُوَ الْمَحْذُوفُ فِي كَلَامِ خَلِيلٍ تَقْدِيرُهُ: وَعَدَمُ الِاتِّفَاقِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ (انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) . فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ، فَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. فَلَا ضَرَرَ بِالْمِلْحِ وَلَوْ مَطْرُوحًا قَصْدًا أَوْ مَصْنُوعًا - مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ النَّبَاتِ - كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ.

قَوْلُهُ: [كَالسَّمَكِ] إلَخْ: أَيْ حَيْثُ كَانَ حَيًّا فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَلَوْ تَغَيَّرَتْ أَوْصَافُهُ الثَّلَاثَةُ. وَلَوْ طُرِحَ قَصْدًا، وَأَمَّا إنْ مَاتَ فَيَضُرُّ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا خَرْؤُهُ فَنَظَرَ فِيهِ الْأُجْهُورِيُّ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ الضَّرَرَ وَبَعْضُهُمْ عَدَمَهُ.

قَوْلُهُ: [وَالطُّحْلُبِ] : أَيْ مَا لَمْ يُطْبَخْ.

قَوْلُهُ: [يَعْنِي أَنَّ الْجُلُودَ] إلَخْ: لَا مَفْهُومَ لَهَا بَلْ كُلُّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَأَوَانِي الْمَاءِ حُكْمُهُ كَالدِّبَاغِ لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ مُطْلَقًا لَوْنًا وَطَعْمًا وَرِيحًا فَاحِشًا أَوْ لَا.

قَوْلُهُ: [عَلَى عُسْرِ الِاحْتِرَازِ] : وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ التَّغَيُّرُ بِرَوْثِ الْمَوَاشِي وَالدَّوَابِّ وَبَوْلِهَا وَإِلَّا ضَرَّ كَمَا ذَكَرَهُ خَلِيلٌ وَشُرَّاحُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>