وَمَا فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ ضَعِيفٌ. بِخِلَافِ مَا لَوْ تَغَيَّرَ بِالتِّبْنِ أَوْ وَرَقِ الشَّجَرِ فِي الْأَوَانِي أَوْ بِمَا أُلْقِيَ مِنْهُمَا فِي الْآبَارِ بِفِعْلِ فَاعِلٍ، فَإِنَّهُ يَضُرُّ لِعَدَمِ عُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ.
(وَلَا إنْ خَفَّ التَّغَيُّرُ بِآلَةِ سَقْيٍ مِنْ حَبْلٍ أَوْ وِعَاءٍ أَوْ تَغَيَّرَ بِأَثَرِ بَخُورٍ أَوْ قَطِرَانٍ كَجِرْمِهِ إنْ رَسَبَ) : هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَا إنْ تَغَيَّرَ. أَيْ: وَكَذَا لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ الْمَاءِ إذَا كَانَ التَّغَيُّرُ خَفِيفًا بِآلَةِ سَقْيٍ؛ مِنْ حَبْلٍ رُبِطَ بِهِ قَوَادِيسُ السَّانِيَةِ، أَوْ عُلِّقَتْ بِهِ الدِّلَاءُ أَوْ تَغَيَّرَ بِنَفْسِ الْوِعَاءِ، كَالدِّلَاءِ وَالْقَوَادِيسِ وَكَذَا. إذَا تَغَيَّرَ بِأَثَرِ بَخُورٍ بُخِّرَ بِهِ الْإِنَاءُ ثُمَّ زَالَ دُخَانُهُ وَبَقِيَ الْأَثَرُ، فَوُضِعَ فِيهِ الْمَاءُ، أَوْ بِأَثَرِ قَطِرَانٍ دُهِنَ بِهِ الْإِنَاءُ مِنْ غَيْرِ دَبْغٍ بِهِ. وَكَذَا إذَا رُمِيَ الْقَطِرَانُ فِي الْمَاءِ فَرَسَبَ فِي قَرَارِهِ فَتَغَيَّرَ الْمَاءُ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ عَلَى الْأَصَحِّ. لِأَنَّ الْقَطِرَانَ كَانَتْ تَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ كَثِيرًا فِي الْمَاءِ عِنْدَ الِاسْتِقَاءِ وَغَيْرِهِ، فَتُسُومِحَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالتَّغَيُّرِ بِالْمَقَرِّ، وَلَيْسَ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ بِآلَةٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا إنْ خَفَّ التَّغَيُّرُ] : لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْبَيِّنِ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ وَهِيَ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِالْآلَةِ الَّتِي يَخْرُجُ بِهَا. وَفِي بْن: اعْلَمْ أَنَّ التَّغَيُّرَ إمَّا بِمُلَازِمٍ غَالِبًا، فَيُغْتَفَرُ. أَوْ بِمُفَارِقٍ غَالِبًا وَدَعَتْ إلَيْهِ الضَّرُورَةُ - كَحَبْلِ الِاسْتِقَاءِ؛ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ: قِيلَ: إنَّهُ طَهُورٌ وَهُوَ لِابْنِ زَرْقُونٍ. وَقِيلَ، لَيْسَ بِطَهُورٍ، وَهُوَ لِابْنِ الْحَاجِّ.
وَالثَّالِثُ لِابْنِ رُشْدٍ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ التَّغَيُّرِ الْفَاحِشِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ: [بِآلَةِ سَقْيٍ] : هَذَا أَشْمَلُ مِنْ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ حَبْلُ السَّانِيَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا لَا مَفْهُومَ لِحَبْلٍ وَلَا لِسَانِيَةٍ، بَلْ مَتَى تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِآلَتِهِ وَلَمْ تَكُنْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ يُفْصَلُ فِيهَا بَيْنَ الْفَاحِشِ وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [فَتَغَيَّرَ الْمَاءُ بِهِ] : أَيْ رِيحُهُ، أَوْ مَا لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ فَيَضُرُّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ دِبَاغًا كَذَا فِي الْأَصْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute