(وَكَمُقْتَصَرٍ عَلَى صَلَاةٍ) هُوَ بِهَا (كَشَفْعٍ) أَوْ ظُهْرٍ (إنْ شَكَّ أَهُوَ بِهَا أَوْ) خَرَجَ مِنْهَا بِالسَّلَامِ وَأَحْرَمَ (بِأُخْرَى) تَلِيهَا (كَوَتْرٍ) بِالنِّسْبَةِ لِلشَّفْعِ، أَوْ عَصْرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلظُّهْرِ، فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الشَّفْعِ أَوْ الظُّهْرِ، أَيْ يَجْعَلُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ تَمَامِ الَّتِي كَانَ بِهَا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، ثُمَّ يَأْتِي بِمَا يَلِيهَا كَالْوَتْرِ؛ وَإِنَّمَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَضَافَ رَكْعَةَ الْوَتْرِ لِشَفْعِهِ بِلَا سَلَامٍ مِنْ شَفْعِهِ، فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى الشَّفْعَ ثَلَاثًا. وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْفَجْرِ مَعَ الصُّبْحِ، وَالظُّهْرِ مَعَ الْعَصْرِ.
(وَ) كَ (إبْدَالِ السِّرِّ بِالْفَرْضِ) : أَيْ فِيهِ - لَا فِي النَّفْلِ - كَأَنْ يَقْرَأَ فِي الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ وَلَوْ فِي فَاتِحَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَخِيرَةِ الْمَغْرِبِ أَوْ الْعِشَاءِ (بِمَا زَادَ عَلَى أَدْنَى الْجَهْرِ) سَهْوًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، لِأَنَّ الْجَهْرَ مَكَانَ السِّرِّ زِيَادَةٌ، كَمَا أَنَّ السِّرَّ مَكَانَ الْجَهْرِ نَقْصٌ. وَأَمَّا لَوْ أَتَى فِيمَا ذَكَرَ بِأَدْنَى الْجَهْرِ - بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ خَاصَّةً - فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِخِفَّةِ ذَلِكَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَنَّ الْإِتْيَانِ بِالسُّنَنِ مُعْتَبَرٌ بِخِلَافِ ظَنِّ الْإِتْيَانِ بِالْفَرَائِضِ. فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْعُهْدَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَبْرِ وَالسُّجُودِ (اهـ.) ، وَقَدْ تَبِعَ فِيهِ الْأُجْهُورِيَّ. وَاَلَّذِي فِي (بْن) : أَنَّ الشَّكَّ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [كَمُقْتَصِرٍ عَلَى صَلَاةٍ هُوَ بِهَا] : هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَعَمُّ مِنْ عِبَارَةِ خَلِيلٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ كَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [وَإِنَّمَا يَسْجُدُ] إلَخْ: جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَا وَجْهَ لِلسُّجُودِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي آخِرَةِ الشَّفْعِ فَقَدْ أَتَى بِهَا وَلَا زِيَادَةَ وَلَا نَقْصَ وَإِنْ كَانَ فِي رَكْعَةِ الْوَتْرِ فَقَدْ فَرَغَ مِنْ الشَّفْعِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فَلَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا نَقْصَ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّ مَعَهُ نَقْصَ السَّلَامِ وَالزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكَيْنِ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ زِيَادٍ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ] : قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: اسْتِحْبَابًا. قَالَ الشَّبْرَخِيتِيُّ: هُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، أَيْ خَلِيلٍ، إلَّا أَنَّ الْبَغْدَادِيِّينَ - وَمِنْهُمْ عَبْدُ الْوَهَّابِ - يُطْلِقُونَ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ، فَلَيْسَ هَذَا جَارِيًا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ (اهـ مِنْ الْحَاشِيَةِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute