للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَحَصَّلَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْجَهْرَ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَأَتَى بَدَلَهُ بِالسِّرِّ فَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ نَقْصٌ، لَكِنْ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى حَرَكَةِ اللِّسَانِ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَ السِّرَّ فِيمَا يُسَرُّ فِيهِ وَأَتَى بَدَلَهُ بِالْجَهْرِ فَقَدْ حَصَلَ مِنْهُ زِيَادَةٌ، لَكِنْ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ بَعْدَ السَّلَامِ إلَّا إذَا رَفَعَ صَوْتَهُ فَوْقَ سَمَاعِ نَفْسِهِ، وَمَنْ يَلِيهِ بِلَصْقِهِ بِأَنْ كَانَ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ بِنَحْوِ صَفٍّ فَأَكْثَرَ.

(وَكَمَنْ اسْتَنْكَحَهُ) : أَيْ كَثُرَ عَلَيْهِ (الشَّكُّ) : بِأَنْ يَأْتِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فِي صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، فَ (إنَّهُ) يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ، وَ (لَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ) : أَيْ لَا يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ، بَلْ يَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: " وَهِيَ عَنْهُ " أَيْ وُجُوبًا، فَإِنَّهُ لَا دَوَاءَ لَهُ مِثْلُ الْإِعْرَاضِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [بَلْ يَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ] : أَيْ فَإِذَا شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا بَنَى عَلَى أَرْبَعٍ وُجُوبًا، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ. فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ

حَيْثُ بُنِيَ عَلَى الْأَكْثَرِ فَلَا مُوجِبَ لِلسُّجُودِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَنْكِحٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ، وَالسَّهْوُ كَذَلِكَ. فَالشَّكُّ الْمُسْتَنْكِحُ: هُوَ أَنْ يَعْتَرِيَ الْمُصَلِّي كَثِيرًا بِأَنْ يَشُكَّ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً، هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَوْ لَا، أَوْ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَلَا يَتَيَقَّنُ شَيْئًا يَبْنِي عَلَيْهِ. وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَلْهُو عَنْهُ وَلَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ، بَلْ يَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا كَمَا فِي عِبَارَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " وَكَمَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَلَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ " وَالشَّكُّ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هُوَ الَّذِي لَا يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ كَمَنْ شَكَّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، أَوْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا أَوْ هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَوْ لَا، وَهَذَا يَصْلُحُ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ، وَالْإِتْيَانِ بِمَا شَكَّ فِيهِ، وَيَسْجُدُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " كَمُتِمٍّ الشَّكَّ " إلَخْ، وَ " كَمُقْتَصِرٍ عَلَى صَلَاةٍ " إلَخْ فَإِنْ بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ بَطَلَتْ وَلَوْ ظَهَرَ الْكَمَالُ لِأَنَّهُ سَلَّمَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ.

وَالسَّهْوُ الْمُسْتَنْكِحُ: هُوَ الَّذِي يَعْتَرِي الْمُصَلِّي كَثِيرًا، وَهُوَ أَنْ يَسْهُوَ وَيَتَيَقَّنَ أَنَّهُ سَهَا، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَصْلُحُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ: " وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَمَنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ أَصْلَحَ وَلَا سُجُودَ "، وَالسَّهْوُ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ: هُوَ الَّذِي لَا يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَصْلُحُ، وَيَسْجُدُ حَسْبَمَا سَهَا مِنْ زِيَادَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>