وَلَا تَكُونُ الْكَرَاهَةُ إلَّا فِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ فِيمَا قَبْلَ الْمُشْمِسِ. وَالْيَسِيرُ: مَا كَانَ كَآنِيَةِ الْمُغْتَسِلِ كَالصَّاعِ وَالصَّاعَيْنِ وَالْكَثِيرُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، أَيْ وَكُرِهَ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ يَسِيرٍ فِي رَفْعِ حَدَثٍ قَدْ كَانَ اُسْتُعْمِلَ أَوَّلًا فِي رَفْعِ حَدَثٍ.
فَالْقُيُودُ ثَلَاثَةٌ: أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، وَأَنْ يَكُونَ اُسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ لَا حُكْمِ خَبَثٍ، وَأَنْ يَكُونَ الِاسْتِعْمَالُ الثَّانِي فِي رَفْعِ حَدَثٍ. وَالْمُرَادُ بِالْمُسْتَعْمَلِ فِي حَدَثٍ: مَا تَقَاطَرَ مِنْ الْأَعْضَاءِ أَوْ غُسِلَتْ فِيهِ. وَأَمَّا لَوْ اغْتَرَفَ مِنْهُ وَغُسِلَتْ الْأَعْضَاءُ خَارِجَهُ فَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ. وَعُلِمَ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي تَطْهِيرِ حُكْمِ الْخَبَثِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، كَاَلَّذِي رَفَعَ بِهِ حُكْمَهُ، لَمْ يُكْرَهْ فِي الْحَدَثِ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ. وَكَذَا يُكْرَهُ الْيَسِيرُ الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ لِقِلَّتِهَا وَلَوْ مِنْ خَبَثٍ.
وَقَوْلُ الرِّسَالَةِ: وَقَلِيلُ الْمَاءِ يُنَجِّسُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ، ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَكَذَا الْيَسِيرُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ؛ فَإِنَّهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ: وَكُرِهَ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ مُشْمِسٍ إلَخْ.
وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ طِبِّيَّةٌ لَا شَرْعِيَّةٌ لِأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ مِنْ إكْمَالِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ كَرَاهَتُهُ لِشِدَّةِ حَرَارَتِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَرَاهَتَيْنِ أَنَّ الشَّرْعِيَّةَ يُثَابُ تَارِكُهَا بِخِلَافِ الطِّبِّيَّةِ؛ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا طِبِّيَّةٌ، هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ الْحَطَّابُ أَنَّهَا شَرْعِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: [كَآنِيَةِ الْمُغْتَسِلِ] : أَيْ وَلَوْ لِلْمُتَوَضِّئِ وَالْمُزِيلِ لِحُكْمِ الْخَبَثِ.
قَوْلُهُ: [لَا حُكْمُ خَبَثٍ] : قَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ.
قَوْلُهُ: [فِي رَفْعِ حَدَثٍ] : أَيْ أَوْ حُكْمِ خَبَثٍ.
قَوْلُهُ: [فَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ] : أَيْ وَلَمْ يَنْوِ الِاغْتِرَافَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [غَيْرُ مَكْرُوهٍ] : قَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: [لِقِلَّتِهَا] : لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ التَّغَيُّرِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ] : أَيْ فَلَا غَرَابَةَ فِي ضَعْفِهِ وَإِنْ كَانَ.