يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُنْدَبُ إرَاقَتُهُ، وَغَسْلُ الْإِنَاءِ سَبْعًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ.
وَكَذَا يُكْرَهُ الْمَاءُ الْمُشَمَّسُ أَيْ الْمُسَخَّنُ بِالشَّمْسِ فِي الْأَقْطَارِ الْحَارَّةِ كَأَرْضِ الْحِجَازِ، لَا فِي نَحْوِ مِصْرَ وَالرُّومِ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْكَرَاهَةَ أَيْضًا بِالْمُشْمِسِ فِي الْأَوَانِي النُّحَاسِ وَنَحْوِهَا لَا الْفَخَّارِ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا.
(كَاغْتِسَالٍ بِرَاكِدٍ) : هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ؛ أَيْ أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا فِي مَاءٍ رَاكِدٍ أَيْ غَيْرِ جَارٍ؛ كَحَوْضٍ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا مَا لَمْ يَسْتَبْحِرْ كَبِرْكَةٍ وَغَدِيرٍ. وَمَا لَمْ تَكُنْ لَهُ مَادَّةٌ، وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ قَلِيلًا فِي نَفْسِهِ فَيُكْرَهُ أَيْضًا.
(وَرَاكِدٌ مَاتَ فِيهِ بَرِّيٌّ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَادَّةٌ. وَنُدِبَ نَزْحٌ لِظَنِّ زَوَالِ الْفَضَلَاتِ، لَا إنْ أُخْرِجَ حَيًّا أَوْ وَقَعَ مَيِّتًا) : قَوْلُهُ: رَاكِدٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى [مَا] :
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَنَحْوِهَا] : كَالرَّصَاصِ وَالْقَصْدِيرِ لِأَنَّهَا تُورِثُ الْبَرَصَ، فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُسَخَّنًا بِالشَّمْسِ فِي أَوَانٍ نَحْوِ النُّحَاسِ مِنْ كُلِّ مَا يُمَدُّ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ، وَغَيْرِ الْمُغَشَّى بِمَا يَمْنَعُ اتِّصَالَ الزُّهُومَةِ بِالْبِلَادِ الْحَارَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [كَاغْتِسَالٍ بِرَاكِدٍ] إلَخْ: حَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ بِكَرَاهَةِ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْحِرْ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ مَادَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ جَسَدُ الْمُغْتَسِلِ نَقِيًّا مِنْ الْأَذَى أَوْ لَا، وَلَكِنْ لَا يُسْلَبُ الطَّهُورِيَّةَ. فَإِنْ كَانَ يُسْلَبُهَا مُنِعَ الِاغْتِسَالُ فِيهِ. فَلَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ حَالَةُ جَوَازٍ لِلِاغْتِسَالِ فِيهِ، بَلْ إمَّا الْمَنْعُ أَوْ الْكَرَاهَةُ. وَهِيَ عِنْدَهُ تَعَبُّدِيَّةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَحْرُمُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ إنْ كَانَ يَسِيرًا وَبِالْجَسَدِ أَوْسَاخٌ؛ وَإِلَّا جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: [كَاغْتِسَالٍ بِرَاكِدٍ] لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى كَلَامِ مَالِكٍ.
قَوْلُهُ: [مَاتَ فِيهِ] إلَخْ: سَيَأْتِي مُحْتَرَزُ هَذَا وَهُوَ شَيْئَانِ خُرُوجُهُ حَيًّا وَوُقُوعُهُ مَيِّتًا.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ (ب ن) عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ الْوُقُوعُ مَيِّتًا كَالْمَوْتِ فِيهِ، وَلَكِنْ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْآتِي وَهُوَ زَوَالُ الرُّطُوبَاتِ الَّتِي تَخْرُجُ عِنْدَ الْمَوْتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute