بِهَذَا الْبَلَدِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي أَوَّلِ جُمُعَةٍ حُضُورُ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ جَزْمًا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: الْإِمَامُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(وَإِمَامٌ مُقِيمٌ) فَلَا تَصِحُّ أَفْذَاذًا. وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِقَامَةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَطِّنًا كَمَا أَشَرْنَا لَهُ بِالْوَصْفِ وَأَنْ يَكُونَ هُوَ الْخَاطِبُ، فَلَوْ صَلَّى بِهِمْ غَيْرُ الْخَاطِبِ لَمْ تَصِحَّ إلَّا لِعُذْرٍ يُبِيحُ الِاسْتِخْلَافَ كَرُعَافٍ وَنَقْضِ وُضُوءٍ، وَجَبَ انْتِظَارُهُ إنْ قَرُبَ زَوَالُ الْعُذْرِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَكَوْنُهُ الْخَاطِبَ، إلَّا لِعُذْرٍ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [هَذَا هُوَ الصَّوَابُ] : أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ وُجُودُهُمْ فِيهَا شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْجُمُعَةَ بِالْفِعْلِ. وَالِاثْنَا عَشَرَ حُضُورُهُمْ شَرْطُ صِحَّةٍ تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى حُضُورِهِمْ بِالْفِعْلِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا. فَلَوْ تَفَرَّقَ مَنْ تَتَقَرَّى بِهِمْ الْقَرْيَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي أَشْغَالِهِمْ - وَلَمْ يَبْقَ إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَالْإِمَامُ - جَمَعُوا، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَمَا مَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: [وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِقَامَةُ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ غَلَّابٍ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، فَلَوْ اجْتَمَعَ شَخْصٌ مُقِيمٌ وَاثْنَا عَشَرَ مُتَوَطِّنُونَ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَهُمْ. وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ: شَخْصٌ إنْ صَلَّى إمَامًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَأْمُومِيهِ، وَإِنْ صَلَّى مَأْمُومًا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ (اُنْظُرْ المج) .
قَوْلُهُ: [وَجَبَ انْتِظَارُهُ] : أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْعُذْرَ طَرَأَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ بَعْدَهُ، أَمَّا لَوْ حَصَلَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ الِاخْتِيَارِيِّ مَا يَسَعُ الْخُطْبَةَ وَالْجُمُعَةَ، ثُمَّ يُصَلُّونَهَا إذَا أَمْكَنَهُمْ الْجُمُعَةُ دُونَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُمْ الْجُمُعَةُ دُونَهُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ مَا يَسَعُ الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ أَفْذَاذًا فِي آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ. (اهـ. مِنْ الْحَاشِيَةِ) .
قَوْلُهُ: [إنْ قَرُبَ زَوَالُ الْعُذْرِ] : وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: بِقَدْرِ أُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ، وَالْقِرَاءَةُ فِيهِمَا بِالْفَاتِحَةِ وَمَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ السُّورَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute