للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى أَفْضَالِهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَصَحْبِهِ وَآلِهِ.

(أَمَّا بَعْدُ) فَهَذَا شَرْحٌ لَطِيفٌ عَلَى كِتَابِنَا الْمُسَمَّى بِأَقْرَبِ الْمَسَالِكِ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ، اقْتَصَرْت فِيهِ عَلَى بَيَانِ مَعَانِي أَلْفَاظِهِ، لِيَسْهُلَ فَهْمُهُ عَلَى الْمُبْتَدَئِينَ، وَشَرْحُهُ وَقِرَاءَتُهُ لِمَنْ شَاءَ بِمَشِيئَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ،

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: (عَلَى أَفْضَالِهِ) : أَيْ إحْسَانِهِ لِعِبَادِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الصَّلَاحِ وَالْأَصْلَحِ.

قَوْلُهُ: [شَرْحٌ] : فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ إمَّا بِمَعْنَى شَارِحٍ أَوْ ذُو شَرْحٍ، أَوْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ مُبَالَغَةً عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ فِي زَيْدٌ عَدْلٌ، وَمَعْنَاهُ مُوَضَّحٌ وَمُبَيَّنٌ وَالْإِسْنَادُ لَهُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ مِنْ الْإِسْنَادِ لِلسَّبَبِ.

قَوْلُهُ لَطِيفٌ: يُطْلَقُ اللَّطِيفُ عَلَى صَغِيرِ الْحَجْمِ، وَعَلَى رَقِيقِ الْقَوَامِ، وَعَلَى الَّذِي لَا يَحْجُبُ مَا وَرَاءَهُ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا السُّهُولَةُ، فَأَطْلَقَ الْمَلْزُومَ وَهُوَ أَحَدُ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ وَأَرَادَ لَازِمَهُ وَهُوَ سُهُولَةُ الْمَأْخَذِ.

قَوْلُهُ: [عَلَى بَيَانِ مَعَانِي أَلْفَاظِهِ] : الْبَيَانُ: الْإِظْهَارُ، وَالْمَعَانِي جَمْعُ مَعْنًى: وَهُوَ مَا يُعْنَى وَيُقْصَدُ مِنْ اللَّفْظِ، وَإِضَافَةُ مَعَانِي لِلْأَلْفَاظِ مِنْ إضَافَةِ الْمَدْلُولِ لِلدَّالِّ، وَإِضَافَةُ الْأَلْفَاظِ لِلضَّمِيرِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ اسْمٌ لِلْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ.

قَوْلُهُ: [لِيَسْهُلَ فَهْمُهُ] : اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ اقْتَصَرْت، وَالْفِعْلُ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ بَعْدَهَا وَالْفَهْمُ، الْإِدْرَاكُ. قَوْلُهُ: عَلَى الْمُبْتَدَئِينَ: جَمْعُ مُبْتَدِئٍ وَهُوَ الشَّارِعُ فِي الْعِلْمِ الَّذِي لَمْ يُقَفْ عَلَى أُصُولِهِ، فَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْأُصُولِ وَعَجَزَ عَنْ الْأَدِلَّةِ يُقَالُ لَهُ: مُتَوَسِّطٌ، فَإِنْ عَرَفَ الْأُصُولَ وَالْأَدِلَّةَ يُقَالُ: لَهُ مُنْتَهٍ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُبْتَدَئِينَ لِأَنَّ غَيْرَهُمْ لَا يَتَوَقَّفُ فَهْمُهُ عَلَيْهِ، بَلْ يَتَعَاطَى أَيَّ كِتَابٍ شَاءَ.

قَوْلُهُ: [وَشَرْحُهُ] : بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَهْمُهُ، وَمُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ عَلَيَّ.

قَوْلُهُ: [وَقِرَاءَتُهُ] : بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى فَهْمُهُ أَيْضًا.

وَقَوْلُهُ: [لِمَنْ شَاءَ] : لِمَنْ شَاءَ مُتَعَلِّقٌ بِقِرَاءَتِهِ، وَبِمَشِيئَتِهِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ، وَالْمَعْنَى اقْتَصَرْت فِي هَذَا الشَّرْحِ عَلَى إظْهَارِ مَعَانِي أَلْفَاظِهِ لِأَجْلِ سُهُولَةِ فَهْمِهِ عَلَى الْمُبْتَدَئِينَ الْقَاصِرِينَ، وَلِسُهُولَةِ شَرْحِهِ عَلَيَّ، وَلِسُهُولَةِ قِرَاءَتِهِ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَقْرَأَهُ، وَهَذِهِ السُّهُولَةُ تَحْصُلُ بِمَشِيئَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>