للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأَقُولُ وَبِهِ أَسْتَعِينُ: (يَقُولُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ الْمُنْكَسِرُ الْفُؤَادُ مِنْ التَّقْصِيرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الدَّرْدِيرُ) : الْقَوْلُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى مَعْنًى وُضِعَ لَهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ، فَيَشْمَلُ الْمَجَازَ كَأَسَدٍ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ، وَالْعَبْدُ الْمُرَادُ بِهِ الْمَمْلُوكُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْفَقِيرُ: الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [فَأَقُولُ] : جَوَابُ أَمَّا.

قَوْلُهُ: [وَبِهِ أَسْتَعِينُ] السِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ، وَقَدَّمَ الْمَجْرُورَ لِيُفِيدَ الْحَصْرَ.

قَوْلُهُ: [يَقُولُ] : أَصْلُهُ يَقُولُ اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْوَاوِ فَنُقِلَتْ إلَى مَا قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ: [الْعَبْدُ] : يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ مَشْهُورَةٍ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي عَلَى أَحَدِهَا. قَوْلُهُ: [اللَّفْظُ الدَّالُّ] : اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ اللَّفْظِ الْمُهْمَلِ كديز مَثَلًا فَلَا يُقَالُ لَهُ قَوْلٌ، وَيُطْلَقُ الْقَوْلُ عَلَى الرَّأْيِ وَالِاعْتِقَادِ، كَمَا يُقَالُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كَذَا أَيْ رَأَى وَاعْتَقَدَ.

قَوْلُهُ: [وُضِعَ لَهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ] : دَخَلَ الْمَعْنَى الْمُطَابِقِيُّ وَالتَّضَمُّنِيُّ، وَخَرَجَ الْمَعْنَى الِالْتِزَامِيُّ، كَعِلْمِنَا بِحَيَاةِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ، فَلَيْسَ مَوْضُوعًا لَهُ اللَّفْظُ.

قَوْلُهُ: [فَيَشْمَلُ الْمَجَازَ] : مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ فِي ثَانِي حَالٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ الْحَقِيقَةَ مَوْضُوعَةٌ وَضْعًا أَوَّلِيًّا، أَيْ كَلِمَةٌ اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَا وُضِعَتْ لَهُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَالْمَجَازُ مَوْضُوعٌ وَضْعًا ثَانَوِيًّا لِأَنَّهُ كَلِمَةٌ اُسْتُعْمِلَتْ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ، لِعَلَاقَةٍ مَعَ قَرِينَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ: كَأَسَدٍ فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَوْضُوعٌ لِلْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ، ثُمَّ تَسْتَعْمِلُهُ فِي الرَّجُلِ الشُّجَاعِ، فَتَقُولُ: رَأَيْت أَسَدًا فِي الْحِمَامِ مَثَلًا، فَكُلٌّ مِنْ الْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ مَوْضُوعٌ وَضْعًا لُغَوِيًّا، لَكِنَّ الْحَقِيقَةَ وَضْعُهَا أَصْلِيٌّ لَا يَحْتَاجُ لِقَرِينَةٍ وَلَا لِعَلَاقَةٍ، وَالْمَجَازُ وَضْعُهُ عَرَضِيٌّ يَحْتَاجُ لِعَلَاقَةٍ وَقَرِينَةٍ.

قَوْلُهُ: [الْمُرَادُ بِهِ الْمَمْلُوكُ لِلَّهِ تَعَالَى] : إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى لِشُمُولِهِ وَعُمُومِهِ قَالَ تَعَالَى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: ٩٣] ، أَيْ مَمْلُوكًا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِعَبْدِ الْإِيجَادِ.

[الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ تَعَالَى إلَخْ] : هَذَا التَّفْسِيرُ يَصْلُحُ لِكَوْنِ الْفَقِيرِ صِفَةً مُشَبَّهَةً أَوْ صِيغَةَ مُبَالَغَةٍ، وَلَا يَخْلُو عَبْدٌ مِنْهُمَا دُنْيَا وَلَا أُخْرَى، وَلَوْ وَكَّلَنَا مَوْلَانَا طَرْفَةَ عَيْنٍ لِأَنْفُسِنَا لَهَلَكْنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>