للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَالسَّوْدَاءُ، وَفَضْلَةُ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُ الْمُبَاحِ وَمُسْتَعْمَلُ النَّجَاسَةِ) : أَيْ أَنَّ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ - وَهُوَ الَّذِي يَسِيلُ عِنْدَ مُوجِبِهِ مِنْ ذَبْحٍ أَوْ فَصْدٍ أَوْ جُرْحٍ - نَجِسٌ. وَكَذَا السَّوْدَاءُ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ كَالدَّمِ الْخَالِصِ بِخِلَافِ الصَّفْرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِنْ النَّجِسِ: فَضْلَةُ الْآدَمِيِّ مِنْ بَوْلٍ وَعَذِرَةٍ، وَفَضْلَةُ غَيْرِ مُبَاحِ الْأَكْلِ وَهُوَ مُحَرَّمُ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [الْمَسْفُوحُ] : أَيْ الْجَارِي وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ وَقُرَادٍ وَحِلْمٍ وَبَقٍّ وَبَرَاغِيثَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ مِنْهَا. وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الدَّمِ الْمَسْفُوحِ مِنْ السَّمَكِ، هَلْ هُوَ الْخَارِجُ عِنْدَ التَّقْطِيعِ الْأَوَّلِ لَا مَا خَرَجَ عِنْدَ التَّقْطِيعِ الثَّانِي؟ أَوْ الْجَارِي عِنْدَ جَمِيعِ التَّقْطِيعَاتِ؟ وَاسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ. وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِطَهَارَةِ دَمِ السَّمَكِ مُطْلَقًا، وَهُوَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ جَوَازُ أَكْلِ السَّمَكِ الَّذِي يُرْضَخُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَيَسِيلُ دَمُهُ مِنْ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ، وَعَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ إلَّا الصَّفُّ الْأَوَّلُ. وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ يُؤْكَلُ كُلُّهُ. وَقَدْ كَانَ الشَّارِحُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ الَّذِي أَدِينُ اللَّهَ بِهِ أَنَّ الْفَسِيخَ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يُمَلَّحُ وَلَا يُرْضَخُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ وَبَعْدَ مَوْتِ السَّمَكِ إنْ وُجِدَ فِيهِ دَمٌ يَكُونُ كَالْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ بَعْدَ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ فَالرُّطُوبَاتُ الْخَارِجَةُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ طَاهِرَةٌ لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ (اهـ) . وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ السَّمَكِ لَيْسَ بِدَمٍ لِأَنَّهُ لَا دَمَ لَهُ عِنْدَهُمْ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ فِيهِ إذَا شُكَّ هَلْ هَذَا السَّمَكُ مِنْ الصَّفِّ الْأَعْلَى أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، أُكِلَ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ.

قَوْلُهُ: وَكَذَا السَّوْدَاءُ: أَيْ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَخْلَاطِ الْأَرْبَعَةِ: الصَّفْرَاءُ وَالدَّمُ وَالسَّوْدَاءُ وَالْبَلْغَمُ، وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ وُجُودِ الْأَخْلَاطِ، فَالسَّوْدَاءُ وَالدَّمُ نَجِسَانِ، وَالصَّفْرَاءُ وَالْبَلْغَمُ طَاهِرَانِ.

قَوْلُهُ: [الْخَالِصُ] : أَيْ الَّذِي لَا خَلْطَ فِيهِ. وَمِنْ السَّوْدَاءِ أَيْضًا الدَّمُ الْكَدِرُ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>